​صحابة رسول الله.. معاذ بن جبل "الفتى المجتهد بعلم الفقه"

> معاذ بن جبل، فتى الأنصار، أحد أصغر الصحابة الذين التفوا حول النبي حينما هاجر من مكة إلى المدينة المنورة.
كان الفتى الصغير قد أسلم قبل الهجرة النبوية، إذ كان واحداً من وفد السبعين أنصاريا الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية.

هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري، المُكنّى بأبي عبد الرحمن، ولد في عام ستمائة وسبع ميلادية في يثرب «االمدينة»، شارك مع الرّسول صلى الله عليه وسلم في عدة غزوات ومنها غزوة بدر، وقد اعتنق الإسلام وهو شاب في الثامنة عشرة من عمره، وشهد الغزوات كلّها مع الرسول، ويعتبر عالما من علماء المسلمين، وإماما فقيها.

اتصف الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه بصفاتٍ حميدة منها: الزّهد، والورع، وكثرة التّعبد، والاجتهاد في العلم، والكرم، والموعظة، وحسن الكلام، واللطف.
 ظل معاذ بن جبل ملازما للنبي سنوات، ينهل منه علما وخلقا، فأخذ عنه القرآن، وتلقى شرائع الإسلام، حتى صار أقرأ الصحابة لكتاب الله، وأعلمهم بشرعه، وبرغم صغر سنه إلا أنه كان أحد الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله؛ فأثنى النبي على حرص معاذ بن جبل على طلب العلم والتفقه في دين الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل»؛ فكان من القليلين الذين يفتون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأشار إليه الرسول في حديثه "استقرئوا القرآن من أربعة: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حنيفة، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل".

شهادة النبيّ له بالصّلاح
روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمَ الرجلُ أبو بكرٍ، نعمَ الرجلُ عمرُ، نعمَ الرجلُ أبو عُبَيدَةَ بنُ الجرَّاحِ، نعمَ الرجلُ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، نعمَ الرجلُ ثابِتُ ابنُ قيسِ بنِ شمَّاسٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ جبلٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ عمرِو ابنِ الجَمُوح، نعمَ الرجلُ سهيلُ ابنُ بيضاءَ".
وكان لمعاذ منزلته بين صحابة النبي محمد، فعندما خطب عمر بن الخطاب الناس بالجابية، قال: «من أراد الفقه، فليأت معاذ بن جبل».

وحينما فتح النبي محمد مكة، ولى عليها عتاب بن أسيد، وترك معه معاذ بن جبل ليفقه أهلها، ويعلمهم أمور دينهم، وبعدها أرسله النبي إلى اليمن قاضيا فيها، وأولاه مسؤولية تعليم المسلمين أحكام الدّين الإسلامي، والقرآن الكريم وقراءته، والقضاء بين المسلمين، وقد خرج النبي ليودعه، وأخذ يحدثه ويوصيه، بأن يقضـي بكتاب الله وبسنة رسوله، وأن يجتهد الرأي، حتى قال له: «يا معاذ، إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك تمر بمسجدي وقبري»، فبكى معاذ كثيرا.

عُرف بِحبه العميق لِرسول الله صلى الله عليه وسلم كما ظهر حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جليّاً لمعاذ بن جبل رضي الله عنه وهو يوجّهه ويعلّمه شيئا من الأدعية ليكرّرها، فأمسك بيده وبدأ بتوجيهه فقال له: "يا معاذُ واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال معاذ: بأبي أنتَ وأُمِّي، واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال: يا معاذُ أوصيك ألَّا تدَعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك".

وفاة معاذ بن جبل
عاد معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى المدينة بعد أن أنهى تكليفه الذي كلّفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم- في اليمن، فوجد رسول الله عليه الصّلاة والسّلام قد توفّي، فلم يستطع حينها ابن جبل الإقامة في المدينة، فاستأذن أبا بكر رضي الله عنه أن يخرج إلى الشّام مُلتحقاً بجيوش المسلمين الفاتحة هناك؛ علّه ينال الشّهادة معها، فوافق أبو بكر رضي الله عنه، فخرج معاذ إلى الشّام، فمكث تحت إمرة أبي عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه فترةً من الزّمن، لكنّ أبا عبيدة توفّي على إثر الطاعون الذي أصاب أهل الشّام، وكان قد تولّى خلافة المسلمين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فولّى معاذ بن جبل خلافة جند الشّام، لكنّه لم تدم إمارته للجند طويلا حتى أُصيب بالطاعون فمات، وكان ذلك سنة 18 للهجرة بعد أن بلغ من العمر 33 سنة، وفي رواية أخرى 38.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى