​من علماء المسلمين.. ابن الصفار

> هو أبو القاسم أحمد بن عبدالله بن عمر الغافقي، ابن الصفار المغربي ، طبيب عالم بعلم العدد والهندسة والنجوم. ولد بمدينة قرطبة، ولكنه خرج منها بسبب الفتن والقلاقل، فهاجر إلى مدينة دانية الأندلسية وبقي هناك حتى وفاته.
عمل ابن الصفار مدرسا طيلة سنوات حياته، فنال خلال مسيرته العملية على شهرة عظيمة باستراتيجيات تدريسه لكل من علوم الهندسة والرياضيات، فكان طلاب العلم يأتون من كل فج؛ لكي يتتلمذوا على يده، وأنجب بمدينة دانية جماعة مهمة من التلاميذ الأوفياء، الذين اشتهروا عبر الحضارة الإسلامية، نذكر منهم:
مسلمة بن أحمد المجريطي اشتغل في كل من الكيمياء والفلك والرياضيات.
محمد بن خيرة العطار، تفنن في كل من علم الهندسة والحساب والفرائض والفلك.
أبو الأصبغ عيسى بن أحمد الواسطي، الذي اشتُهر في كل من علم الحساب والهندسة والفرائض والفلك.

درس ابن الصَّفَّار منذ صغره العلوم الأساسية في عصره، ثم انكب على الرياضيات، فدرس أصول هندسة إقليدس دراسة مفصلة؛ لكي يتمكن من فهم هذا العلم الحيوي، الذي اعتبره أهم فروع العلوم الرياضية، فنبغ في هذا العلم، وصار يسمى المهندس؛ للمكانة التي احتلها في هذا المجال.
عمل بعد ذلك في وظيفة التدريس، التي وهب لها حياته، فحاز خلال حياته العملية شهرة عظيمة بطرق تدريسه لكل من علم الحساب والهندسة والفلك، فكان طلاب العلم يأتون من كل فج؛ لكي يتتلمذوا على يده، وتميز عن غيره بالتواضع والمثالية، فكان مثال العالم الذي جمع بين العلم والأخلاق.
مدينة قرطبة التي نشأ فيها ابن الصفار سنة 1860 محفوظة في مكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة
مدينة قرطبة التي نشأ فيها ابن الصفار سنة 1860 محفوظة في مكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة

وفي المجال العملي؛ أعطى ابن الصفار علم الفلك عناية كبيرة حتى عُدَّ من كبار علماء الفلك، وله في ذلك نتاج عظيم، فقد كان من المغرمين في رصد حركات النجوم والأجرام السماوية، وتظهر ملامحُ تَمَكُّنِهِ في حقل علم الفلك في زيجه الذي كتبه على طريقة السندهند، والذي صار من أهم مصادر المعلومات في علم الفلك للباحثين.
نشأ أبو القاسم في جوٍ أسري علمي مُهيأ بشكلٍ كامل للدراسة والأبحاث، حيث كانت أسرته تحرص دوما على ضرورة اعتماد الفرد على نفسه؛ الأمر الذي جعل منه شخصيةً عملية قبل أن تكون علمية، وقد كان ابن الصفار واحدا من العلماء الذين استمروا في دراساتهم وأبحاثهم على الرغم من الظروف الزمانية والمكانية التي تعرض لها، حتى أنّه، عند اضطراب مدينة الأندلس في زمن الفتنة، لم يتوقف عن ممارسة دراساته، بل قرر الانتقال إلى واحدة من المدن المُجاورة لاستمرار ما كان قد بدأ به.

وكانت أعماله ودراساته واحدة من أهم المراجع والمصادر الموجودة في عدد من المكتبات والكليات والجامعات.
 اشتهر ابن الصفار بعلومه ومعرفته وشهاداته التي تجعل منه إنسانا ذا قيمة ومكانة مرموقة في مجتمعه، إذ يُقال أنّ شهرته بلغت الحدود الأوروبية بشكلٍ كبير؛ الأمر الذي جعل ما توصل إليه من أبحاثٍ واكتشافات من أهم ما توصل إليه التاريخ في ذلك الزمان.

 وتظهر شهرة ابن الصَّفَّار في طريقة استخدام الأسطرلاب، إذ رأى أن يدوِّنَ أفكاره ومرئياته في هذا المضمار في كتاب سماه كتاب «العمل بالأسطرلاب» وهذا الكتاب يمتاز عن غيره في حسن العبارة وقرب المأخذ، ولشدة ولعه بصنعة الأسطرلاب علَّم ابنُ الصَّفَّار أخاه الأصغر محمداً صنع الأسطرلاب وآلات الرصد الأخرى، ونال شهرة عظيمة في الأندلس في صنع الأسطرلابات، لم ينلها أحد قبله من أصحاب المهن في هذا الحقل؛ وسبب ذلك أن ابن الصفار كان يشرح لأخيه القواعد الأساسية ويرسم له الصورة الحقيقية للأسطرلاب الممتاز.

من المؤسف جدا، أن أغلب مؤلفات هذا العالم الكبير فقدت بسبب الفتن والقلاقل السياسية، فلم يصلنا من مصنفاته إلا القليل جدا، منها:
    زيج مختصر.
    رسالة في الأسطرلاب: يعتبر هذا المؤلف من أبرز مؤلفات ابن الصفار، لأنه مرجعا في علم الفلك والأسطرلاب، إذ يمتاز بالدقة والوضوح في شرح تفاصل استعمال هذه الآلة الفلكية وطرق اشتغالها. وقد أفاد ابن الصفار أخاه محمدا بهذا العلم، فأصبح من أشهر صنّاع الأسطرلاب ونال شهرة كبيرة في هذه الصناعة.
    مخطوطة في الحساب.
    مخطوطة في الهندسة.
    مخطوطة في الفلك.
    مخطوطة في الرياضيات البحتة.
توفي ابن الصفار المغربي في مدينة دانية الأندلسية سنة 426هـ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى