صحابة رسول الله.. حذيفة بن اليمان "كاتم سر رسول الله»

> هو حذيفة بن اليمان العبسي الغطفاني القيسي، أحد صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام، أبوه هو الصحابي اليمان بن جابر بن عدنان، وأمّه هي رباب الأشهلية. ولد رضي الله عنه في مكة المكرمة، ثم انتقل للعيش في المدينة المنورة، اضطرت عائلة حذيفة أن تهاجر مكة المكرمة إلى يثرب بسبب ثأرٍ كان على اليمان، وعندما سمع عن دعوة محمد عليه الصلاة والسلام إلى الإسلام ذهبت مجموعةٍ من قبيلتي الأوس والخزرج لمبايعته، إلا أنّ حذيفة لم يكن معهم، فهو أسلم دون أن يلتقي بالرسول عليه السلام، وعندما التقى به سأله فيما إذا كان يعد من المهاجرين أو الأنصار، فأجابه عليه السلام بأنّه من الاثنين معا.

حذيفة حافظ سر رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان حذيفة رضي الله عنه يكنى بحافظ أسرار الرسول عليه السلام ، فقد ائتمنه على أسماء المنافقين الموجودين بينهم، ولم يخبر أحدًا غيره، دون أن يكشفهم لأحد، وكان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حريصًا على معرفة ما إذا كان منافقًا أم لا، فلمًّا ألحّ على حذيفة وسأله بالله فأخبره أنّه ليس من المنافقين، وقال له: "لا أزكي أحدًا بعدك".

ويشار إلى أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا أقام صلاة الجنازة على أحد حرص على أن يكون حذيفة موجودا فيها لمعرفة فيما إذا كان الميّت من المنافين، فلا يصلون عليه.
وكان رسول الله قد أخبر حذيفة بالفتن التي ستحدث في مستقبل الأمّة الإسلاميّة.

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند عمر رضي الله عنه فقال عمر: أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قلت: أنا كما قاله. قال عمر: إنك عليه - أو عليها - لجريء، قلت: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي، قال عمر بن الخطاب: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر، قال حذيفة: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابًا مغلقًا، قال عمر: أيكسر أم يُفتح؟ قال حذيفة: يكسر، قال عمر: إذن لا يغلق أبدًا. يقصد مقتل عمر بن الخطاب وتأتي من بعده الفتن.

شارك حذيفة رضي الله عنه في كافة الغزوات والفتوحات التي قادها رسول الله باستثناء بدر، وذلك لأنّه كان مسافرا قبل الغزوة، فوقع أسيرا عند الكفار، حيث أخبرهم أنّه مسافرٌ إلى المدينة، وليس له أي علاقةٍ بالمسلمين أو بمحمد، ووعدهم بأنّه لن يقاتلهم، وعندما وصل إلى نبي الله أخبره بأنّ الكفار يعزمون على مهاجمة المسلمين، فمنعه الرسول من المشاركة في الغزوة، وذلك حتى يحافظ على وعده.

وفي غزوة أحد قتل الصحابي اليمان والد حذيفة في المعركة بالخطأ على يد مجموعةٍ من المسلمين، فكان والده يستر وجهه كعادة المقاتلين بالجيوش في الحرب، فظنّه المسلمون أحد المشركين فقتلوه دون قصد، حيث جاء إليهم حذيفة يصرخ، ويقول لهم: "هذا أبي!"، فاعترى المسلمين الحزن، ولكنه نظر إليهم، وقال: "غفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين"، وانطلق بعدها إلى ساحة القتال يدافع عن الإسلام، ويقتل الكفار، وبعد انتهاء الغزوة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتل أبي حذيفة، فأمر بإعطاء ديةٍ عن اليمان، إلا أنّ حذيفة تصدّق بها للمسلمين.

موقف حذيفة بن اليمان يوم الخندق والتّخلّص من مكر أبي سفيان
لقد ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو، وكان ذلك في وقت عسير على المسلمين، إذ الجوع والبرد والخوف وقلّة الحيلة، كلّ ذلك ينهال عليهم في وقت واحد، فيأتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيسأل أصحابَه أن يقوم أحدهم لينظر في جيش الأحزاب، ويرجع للنبيّ بأخبارهم، فلم يقم أحد. فلمّا رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم الأمر كذلك، نظر في المسلمين فاختار من بينهم حذيفة بن اليمان ليقوم بتلك المهمّة، فقام للطاعة -ولا بُدّ- فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "يا حُذَيفةُ، فاذْهَبْ فادْخُلْ في القَومِ فانْظُرْ ما يَفعَلونَ، ولا تُحدِثَنَّ شَيئًا حتى تَأتِيَنا".

فذهب حذيفة إليهم فوجد عندهم ريحًا شديدةً لا تُقرّ لهم شيئًا، فقام فيهم أبو سفيان يتكلم فأمر كلّ رجلٍ أن ينظر لمن حوله؛ ليتأكّد أن لا أحد من جند النّبيّ محمد بينهم، فقال حذيفة: بدأت أنا بسؤال "فأخَذتُ بيَدِ الرَّجُلِ الذي إلى جَنْبي، فقُلتُ: مَن أنتَ؟ قال: أنا فُلانُ بنُ فُلانٍ"، ثم قال أبو سُفْيانَ: "يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، إنَّكم واللهِ ما أصبَحْتُم بدَارِ مُقامٍ؛ لقد هَلَكَ الكُراعُ، وأخْلَفَتْنا بَنو قُرَيظةَ، وبَلَغَنا عنهم الذي نَكرَهُ، ولَقِينا مِن هذه الرِّيحِ ما تَرَونَ، واللهِ ما تَطمَئِنُّ لنا قِدْرٌ، ولا تقومُ لنا نارٌ، ولا يَستَمسِكُ لنا بِناءٌ، فارْتَحِلوا فإنِّي مُرتَحِلٌ".

ثمّ قام حذيفة، وامتطى جمله وسار، وقد كاد حذيفة أن يقتله؛ لولا أمر رسول الله له أن لا يُحدث شيئًا حتى يصل النّبيّ سالمًا، ثم رجع حذيفة إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأخبر النّبي بالذي رأى، فقال: يا رسول الله، تفرق الناس عن أبي سفيان، فلم يبق إلا عصبة توقد النار، قد صبَّ الله عليه من البرد مثل الذي صب علينا، ولكنَّا نرجو من الله ما لا يرجو.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى