​١٢ وزيرا جنوبيا في جدلية البيضة والدجاجة

> جدلية من الأسبق البيضة أم الدجاجة، حيرت البشرية على مر العصور، والتسوية السياسية في اليمن لم تجد إجابة فدخلت في الجدلية النظرية من الأسبق؟ فمن يقول إن البيضة أسبق؛ لان الدجاجة تخرج منها، ويقول الآخرون إن الدجاجة هي الأسبق؛ فهي التي تخرج البيضة.
 وفي التسوية السياسية اليمنية يتجادل أطراف الصراع السياسي حول الأسبقية، أيهما قبل الآخر؟ تشكيل الحكومة أم إنهاء الأزمة، ففي الرياض وضعت خارطة طريق لحل الأزمة، مثلها مثل المبادرة الخليجية، قائمة على بنود مرتبة ترتيبا أسبقيا تصاعديا وتنازليا، ولأن الراسم لهذه الخارطة ترك تفسيرها للمنطق السياسي، لم يفقه أطراف العمل السياسي اليمني أو الجنوبي هذا المنطق السياسي، أو لعلها تختلف قراءته في ترتيب الأفضل والأولى والأسبق؛ فتاهت التسوية السياسية في الشراكة والمناصفة بين الانتقالي والشرعية داخل حكومة المناصفة، التي يترأسها في النسخة الثانية من فشل في النسخة الأولى، معين عبدالملك، فاجتمعت لأول مرة في التاريخ حكومة في تشكيل غير متجانس، يعلم الجميع علم اليقين عدم التوافق السياسي والبرامجي، فحكومة من ٢٤ وزيرا بالمناصفة بين الشمال والجنوب بواقع ١٢ وزيرا جنوبيا و١٢ وزير شماليا داخل قبة مشروخة بين عدن ومأرب دون صنعاء العاصمة، والمفترض تجانسهم لمصلحة التسوية السياسية، لكن حكومة مناصفة لم تجتمع إلا في الرياض، خارج حدود المهام الوزارية؛ لتعبر عن تعثر التسوية الحقيقية واستعجال الحكم في تحديد الأولوية والأسبقية البيضة أم الدجاجة، فهل كان الأولى تشكيل حكومة مناصفة أم إنهاء الأزمة؟

 مهما كانت الجدلية الفلسفية وصحة الإجراء في اتفاق الرياض، وتشكيل حكومة المناصفة، وتسمية أعضاءها، وأداؤهم لليمين الدستوري المنتهية صلاحيته يوم إعلان مسودة الحوار الوطني والمرجعيات الثلاث، قررت بنود اتفاق الرياض عودة الحكومة إلى عدن ومزاولة مهامها هناك، ولأنه لم تتم التسوية السياسية، ولم تنتهِ الأزمة، تعثر نزول ١٢ وزيرا شماليا إلى عدن، كون الأرض الجنوبية تدار بنفس عبقه انفصالي مطالب بفك الارتباط، فصعب على الوزراء الشماليين مزاولة عملهم في أرض لا حاضن شعبي أو إداري ومالي يستوعبهم، فلم يتبقَ سوى ١٢ وزيرا جنوبيا من أهل الجنوب، يتمتعون بكامل الأهلية في الحركة والتواصل المرن، كونهم بين أهليهم مقيمون، ١٢ وزيرا جنوبيا، وللأسف الشديد، تمزقت حقيبتهم الوزارية، وشعارها الجنوبي، وناطقها الرسمي، فاختلفت عناوين الوزارات الجنوبية، فوزارة جنوبية تتبع الانتقالي تتخاطب بلهجة الجنوب العربي، ووزارة جنوبية أخرى تتبع الشرعية تتخاطب بلهجة الجمهورية اليمنية المنتهية تسميتها في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

التباين بين الوزارات الاثنتي عشرة الجنوبية فرق بينها حتى في محل إقامتها وأماكن لقاءاتها واجتماعاتها، وتعذرت التسوية السياسية، ولم تتجانس الوزارات الجنوبية فيما بينها، فصعب عليها الجلوس في طاولة منفردة في عدن بـ ١٢ وزيرا جنوبيا؛ للعمل معا من أجل الجنوب أولا، مما أدخلهم في جدلية البيضة والدجاجة والأسبقية في هذا الإجراء، فمنذ تشكيل حكومة المناصفة وتسمية أعضائها، وعودة الوزراء إلى عدن، لم تتمكن وزارات الجنوب من عقد أول لقاء جنوبي حكومي، نتيجة تحفظ بعض الوزراء الجنوبيين الجلوس في طاولة ينتصب فيها علم الجنوب أو علم اليمن فتصدعت الحكومة، وتسربت في تعقيدات التسوية السياسية، واختفت الوزارات الاثنتا عشرة الجنوبية عن المشهد، وقدم المتابعون من بسطاء الناس بلاغ فقدان باثني عشر وزيرا جنوبيا في حكومة المناصفة، التي ترأسها المتعثر رئيس الوزراء السابق والحالي، فتردد المواطنون من الشمال في المتابعة عند وزير جنوبي انتقالي، ظنا منهم رفضه للتعامل معهم كشماليين، كما تحفظ البعض من الجنوبيين من متابعة وزير شمالي، فانعكس التباين السياسي وتوجهات الوزارات المتناصفة بين الشمال والجنوب سلبا على استقرار العمل الوزاري واضطرابه، فلا ندري أيهما كان الأولى والأسبق، تشكيل حكومة مناصفة فضائية أم إنهاء الأزمة السياسية؟ جدلية مثل جدلية البيضة والدجاجة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى