الصحوة واستقلال الإرادة

> ترى كيف كان يمكن أن تكون صورة اليمن اليوم لو أن الطاقة الهائلة التي فجرتها موجة الصحوة لبعض القوة الخيرية، توجهت وجهة سليمة وصالحة؟ إلى حيث كان ينبغي لها أن تتوجه، لو أن ذلك كله توجه إلى بناء مجتمع جديد شعاره استقلال إرادة اليمنيين وتعمير أرضهم، والوقوف سدًا منيعًا في وجه محاولات المستكبرين الحقيقيين لتحويل الأرض اليمنية إلى قوة ردع وسط أمة المسلمين والعرب، تؤدب الذين يتجاسرون على الوقوف في وجه مصالح أولئك المستكبرين، أو يحاولون وضع لبنة جديدة في بناء نهضة اليمن، ترى كم كان يختلف الحال، وتكون صورة الحاضر اليمني، لو أن جماعات الغضب والتعصب الديني والسياسي كما نؤثر أن نسميها، والتي تنتشر في أرجاء اليمن، قد وجهت رغبتها الصادقة والهائلة في التغيير، وغضبتها العارمة على أوضاع اليمنيين، وتمردها على التبعية لغير الوطن، فاشتغلت بالبناء والتعمير في صمت وهدوء، بدلًا من الاشتغال بالهدم وتكفير الغير، وخلق صراعات دائمة بين أبناء الوطن، وسط ضجة هائلة وكلام كثير.

ماذا لو أخذت بأيدي المهجرين والمكدودين من أبناء الشعب اليمني، بدلًا من الأخذ بناصيتهم وإفراغ الجهد كله في اتهامهم، وإدانتهم وإصدار الأحكام عليهم؟ ماذا لو اقتربت من الناس.. ولم تعتزلهم وتبتعد عنهم.
ماذا لو قدمت الفعل على الكلمة، والبحث عن حلول المشاكل القائمة، بدلًا من البحث عن عداوات الناس وسقطاتهم، والبحث عن مشاكل وهموم جديدة تضاف إلى همومهم ومشاكلهم؟

ماذا لو استقام لهذا الحد الأدنى من إدراك أولويات الأمور، وترتيب مهام الإصلاح في التغيير، فأدركت أن منع الظلم، ورفع المعاناة، وتحريك عملية الإنتاج، والذود عن أرض اليمن، ووقف المجازر التي تطال شعر الرأس، كما هي عند أخمص القدمين، وبناء جسور التواصل بصدق أهل السياسة، وإيمان الشعب بهذا الصدق، أمور مقدمة كثيرًا على قضايا أخرى لا تخدم المواطن.

ماذا لو خرج دعاة السياسة والدين في بلادنا من واقعها المحلي الضيق الذين يحبسون أنفسهم فيه، إلى رحاب العالم الذي أتاح لهم أن يجوسوا خلاله، وأن يعرفوا ما يدور فيه، وهم جلوس في أماكنهم، ولو فعلوا ذلك لرأوا بعيونهم كيف تعمل الناس هناك، وكيف ندور نحن حول أنفسنا متشاغلين بأفكار وصراعات قديمة، وقضايا لم يعد لها في ميزان العقل مكانة ولا مكان، بالمقابل نرى حولنا أمم تقفز على طريق النمو والتقدم قفزًا، ونحن شهود تتملكنا الدهشة ولا نزداد بها إلا حيرة وعجزا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى