أمين صالح

> ذات لقاء من لقاءاتنا الكثيرة مع طيف واسع من الجنوبيين، وبعد أن صلينا المغرب وقبل العودة إلى ديوان مضيفنا، قال لي صديقي الراحل أمين صالح محمد: مشكلة أبناء الجنوب التي عصفت بهم في الأشهر الأخيرة هي أن كل مجموعة تقوقعت على نفسها. يلتقون كل يوم ويرددون نفس الكلام ويصنعون وهماً يكبر في رؤوسهم كل يوم إلى أن يروا ذلك الوهم حقيقة.

قبل ذات لقاء مع أحد مضيفينا، كنت أتجاذب أطراف الحديث الجانبي مع أمين صالح، وشخص ثالث ما زال حياً يرزق، مع المضيف، فقلت لمضيفنا بصريح العبارة: لقد كان موقفي مغلقاً من ناحيتك، واعتبرتكم حالة ميؤوس منها، لكني بعد أن سمعتك وجدت أن ما يجمعنا أهم بكثير مما يفرقنا، فالاختلاف ليس إلا على الآليات لا على الهدف، وتذكرت حينها القول الشهير لسيدنا على بن أبى طالب رضي الله عنه: تظلوا وحوشاً حتى تتعارفوا.

بترتيب من أحد قيادات الجنوب في الخارج التقيت مع أمين، بصحافي أمريكي وبصحبته مصورة بريطانية، بالمناسبة، كانت ترتدي الزي النسائي اليمني، فأطلقنا عليها اسم نور على سبيل الدعابة، فاستحسنت الاسم وصرنا نناديها به حتى غادرت عدن.
كان هدف لقائنا بذلكم الصحفي هو أن نمكنه من لقاء قيادي في الانتقالي وقيادي جنوبي في السلطة، وتم ذلك، وما أثلج صدورنا أن الصحافي وجه نفس الأسئلة للشخصيتين، وكانت إجاباتهما متطابقة تقريباً حول مجمل القضايا بما في ذلك قضية الجنوب.

ذات استضافة في مطعم شعبي عدني، بدعوة من الأخ أمين، كان يحدثنا ضيفنا الصحافي عن زيارته لصنعاء التي كان قادم منها للتو، وكيف تناول القات وكيف مكنوه من زيارة كل الأماكن بما في ذلك محافظة صعدة، وكانوا فقط يمنعونه من التحدث إلى أحد إلا من يرافقونه.
تذكرت حينها حالنا وكيف أن الكل يتكلم، ويهرف، أحياناً، بما لا يعرف، لدرجة أن صارت تصريحاتنا (مخضرية) بلا كنترول أو فرامل، من مفاهيمنا غير الموحدة إلى قواعد الإملاء.

ذات لقاء مع فريق من مكتب رئيس الوزراء البريطاني برفقة اثنين من السفارة البريطانية، أحدهما منسقة ومترجمة يمنية. كان اللقاء مع عدد من ممثلي القوى الجنوبية خلال سنوات عنفوان الحراك الجنوبي، أحدهم رحل عن دنيانا والبقية أحياء، فقالت لنا المنسقة: إن الوفد يرجو منكم عدم الإعلان عن هذا اللقاء بأي صورة من الصور.
انتهى لقاؤنا معهم في الساعة الواحدة ظهراً، وفي الساعة الثانية ظهراً رأينا في وسائل الإعلام الإلكتروني أن (فلان بن فلان) التقى بوفد من مكتب رئيس الوزراء البريطاني ولوحده، ولك عزيزي القارئ أن تقارن بين ما حدث في صنعاء مع مجرد صحافي وبين هرافنا.

هذا قيض من فيض سنوات طوال من العمل المشترك مع الراحل إلى الرفيق الأعلى أمين صالح محمد، وقد قال لي أحد الأصدقاء الأعزاء من أبناء الضالع: إن رحيل أمين صالح قصم ظهورنا، فقلت له، رحيل أمين صالح قصم ظهر الجنوب، فقد كان عبارة عن نافذة جنوبية تطل على كل الاتجاهات بدون استثناء.
رحمك الله يا صديقي الوفي أمين، وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى