تسامحوا فأنتم إخوة

> مرت تسع سنوات على وفاة أبي، وما زلت أتذكر تلك الرجفة التي هزت أعماق قلبي، وأنا أشاهد توقف نبض قلبه على الشاشة بعيني. لا ألم يضاهي ألم فراقه.
غاب أبي وغاب معه عهد لن يعود. اللّهم لا اعترض على حكمك، ولكنه الشوق غلبني، فبرحيله كانت أولى هزائمي في الحياة وأعظم خسائري.

ولكن ما يصبرني وإخوتي على فراقه سماع الناس تتحدث عن مآثره ومواقفه أمام جبروت الحكام الظلمة، الذين أرادوا ابتلاع الجنوب أرضا وإنسانا.
لقد دفع والدي فاتورة باهظة من ملاحقات إيقاف الصحيفة، وقطع رزق أكثر من 200 موظف وموظفة، وخسائر مادية كبيرة، وقصف لمقر الصحيفة ومنزل الناشرين، واعتقاله وأبناءه، ومحاكمات وغيرها من الأمور الأخرى، التي ستظل طي الكتمان حتى يحين وقت الإفصاح عنها، ولكنه دفعها جميعها عن طيب خاطر.

كان مؤمنا بقضية الجنوب، وقضية الشعب العادلة لنيل الاستقلال. ليس لزعامة أو مقابل أموال، بل لكي نحيا جميعًا بكرامة على أرضنا فعاش فقيرا، ومات غنيًا بذكره العطر بين الناس.
أتذكّر عندما كان على فراش الموت بمستشفى في العاصمة الألمانية برلين. سألته: لو يعود بك الزمن، وأنت تعلم ما الذي سيحدث لك، فهل ستكون مواقفك هي نفسها؟ فقال لي: "مستحيل أن أتغير".

في هذا اليوم تذكروا أكبر مبادئ هشام باشراحيل، بأن الجنوبيين جميعهم سواسية في الحقوق والواجبات، وترفعوا عن الإساءة، فهي لا تورّث إلا الأحقاد.
هكذا كان أبي، وعلى نهجه ومبادئه وأخلاقه نحن سائرون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى