اليمن والصين.. بين طريق الموت وطريق الحرير

> صارت "بكين" مذهلة بلا منازع، تصنع عَجَباً وسحراً لا تجده إلاّ في كتب الأساطير، ولا تُلام إنْ دقّ بايدن ومجموعة السبع رؤوسهم بالجدار. هذا قدر "الصين" التي تسابق الزمن، وتؤسس لرحلة المجد المزهوة بالجمال والمتعة والدهشة.
أما طريق الرحلة المسمّى بـ "الحرير"، فيمتد لأكثر من 25000 ميل تخترق ما يقارب 16 دولة على طول الرحلة السعيدة.

هنا في اليمن لدينا 16 مدينة مدمرة لحقت بها أضرار كبيرة جرّاء الحرب، ولدينا طريق يمتد إلى 80 كيلو من الوهط إلى طور الباحة سمّاها المواطنون "طريق الموت"، فقد زهقت فيها مئات الأرواح بصورة شبه يومية، حتى تناقلت وسائل إعلام محلية وعربية أخبار هذا الطرق المخيف الموحش.
يقول البنك الدولي: "لقد أُصيبت البُنية التحتية لـ 16 مدينة يمنية بدمار واسع النطاق شمل الطرق الرئيسة والجسور والطرق الداخلية، قُدّرت الأضرار بـ 6.9 مليار إلى 8.5 مليارات دولار.

ومن خلال الأرقام يبدو أن لدى الصين طريق الحرير، ولدى اليمن الميمون طريق الموت.
على خط الرحلة من الصين إلى المملكة المتحدة تصطف مدن وثقافات وحضارات وشعوب من أجناس وألوان مختلفة، والأروع أن المسافر يستطيع أن يعبر طريق الحرير بوسائل نقل متنوعة منها القطارات والسُّفن والسيارات.

وسيتوقف المسافرون في الطريق المُبهِر عند شهادات حية للعديد من السُكّان الذي التقى أجدادهم بقوافل التجارة الوافدة من الصين في الزمن القديم.
سوف يستمتع الزائرون برحلة من خيال من قلب مدينة البندقية المزدانة بشكلها الهندسي المذهل إلى دول البلقان، وسيعبرون ثقافات متنوعة من أقصى المدن الأوروبية إلى أقصى الشرق في قلب القارة الآسيوية. مدن تخزن إرث إمبراطوريات قديمة لا تزال حتى يومنا هذا شاهدة على ذلك التراث.
نحن لدينا في اليمن مدن مدمّرة وشبكة طرق أحاطت بها نار الحرب فجعلتها جُذاذاً. يقول البنك الدولي "إن الأضرار التي أصابت الطرق الحضرية في اليمن حالت دون إمكانية وصول الأشخاص والمركبات إلى أجزاء واسعة من البلاد".

أما طريق الموت الذي سلكته الحرب منذ سبع سنوات، فقد امتدت لها فروع على مستوى الوطن، وشهدنا خلالها أحداثاً مؤلمة وحوادث مؤسفة، فقد قضى أشخاص وزُهِقت أرواح عائلات في هذا البلد بحوادث متفرقة في رأس النقيل وعَرض الطريق ووسط الجسر، وكم أطاحت هذه الطُّرق الضيّقة المليئة بالحُفَر بسيارات وبوابير وباصات، فصيّرتها حُطاماً هي ومن عليها من الآدميين في السهول والمرتفعات، فشتّان بين طريق الموت وطريق الحرير.

لقد تحدثت وسائل الإعلام عن طريق الوهط طور الباحة التي أودت بحياة المئات من المواطنين في حوادث شبه يومية حتى صار يُطلق عليها "طريق الموت"، بينما صارت طريق رئيسة تربط بين المحافظات، وتتنقل خلالها البضائع بصورة يومية صباح مساء، ويتنقل المسافرون منها ليل نهار.
وبخصوص هذا الشريان الحيوي، انطلقت دعوات وعلت صيحات لإيجاد حل للطريق المهلك هذه، لكن من لا يلقون بالاً لأرواح الناس تباطؤا، رغم جهود بعض المسؤولين، وما يؤسف هو عدم الإذن لتلك الجهود بأن تُثمر، فقد توقف العمل في إصلاح الطريق أكثر من مرة رغم الأموال الطائلة التي تُجبى من الطريق تُقدّر بمئات الملايين شهرياً، حسب إفادة مدير شرطة طور الباحة لصحيفة "الأيام" الغراء.

العالم من حولنا ينعم بطرق وجسور مُعلّقة في الجو، ونحن في هذا البلد عجزنا عن السير بأمان في طرق مبسوطة على الأرض.
حقاً لدينا وطنٌ من حفر ربما تساوي في عددها ألغام الحرب المبثوثة في كل الأرجاء. فضلاً امنحونا طريقاً من إسفلت أو حجر مرصوفة، لا نريده طريقاً من إستبرق أو حرير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى