"تجنيد المتسوّلين".. أسلوب حوثي جديد لتغطية عجز مقاتليها

> ​بدلاً من أن تقوم الميليشيات الحوثية بدفع رواتب الموظفين والتوقف عن نهب المساعدات الإنسانية وابتزاز التجار وتحسين ظروف المعيشة لملايين السكان في مناطق سيطرتها، تفتقت أذهان قادتها عن مخطط جديد لمكافحة ظاهرة التسول؛ يتمثل في استقطاب الآلاف من المعدمين للقتال في صفوفها بعد أدلجتهم طائفياً بناءً على تعليمات زعيمها عبد الملك الحوثي.

وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن الجماعة المدعومة من إيران تستعد لتطبيق حزمة من التدابير في الأيام المقبلة لتنفيذ هذا المخطط تحت لافتة «مكافحة وتنظيم ظاهرة التسول».
وكشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة لـ«الشرق الأوسط» عن استعدادات تجريها الجماعة حالياً لتنفيذ خطوات وصفتها بـ«العملية»، تتخللها تحركات ميدانية للجان شُكلت مؤخراً من وزارات عدة بحكومة الانقلابيين برفقة مسلحين وعربات أمنية تستهدف آلاف الفقراء والمعوزين في شوارع العاصمة.

وتحدث المصدر عن أن الجماعة أعدت ما أطلقت عليه «مشروع لائحة تنظيمية للتسول» جرى إعداده بناءً على تعليمات زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي في خطبه الرمضانية الأخيرة التي حض فيها على الاستفادة من أعداد المتسولين الذين باتت تعج بهم معظم طرقات وشوارع مدن سيطرة الميليشيات، في إشارة منه إلى استقطابهم والزج بهم في جبهات القتال.

وكانت الجماعة نفذت في الأشهر الماضية مخططاً مشابهاً بناءً على توجيهات من زعيمها بحق فئة «المهمشين» من ذوي البشرة السوداء من خلال استقطابهم وتجنيدهم بذريعة «دمجهم في المجتمع».

في غضون ذلك، أفصحت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» عن اجتماع عقدته لجنة من قادة الجماعة؛ بينهم عسكريون وأمنيون، لمناقشة طرق وآلية استهداف المتسولين؛ حيث أقر الاجتماع توصيات للبدء باستهداف جموع المتسولين بصنعاء عبر إنشاء مركزين حوثيين بوصفهما مكانين مخصصين لتجميعهم، على أمل إطلاق المراحل الأخرى مستقبلاً في بقية مدن السيطرة الحوثية.

وترجح المصادر أن الميليشيات تستعد في الأيام المقبلة لشن حملات بحق المتسولين لاحتجازهم من كل شوارع وأسواق العاصمة المختطفة، ومن ثم تجميعهم بتلك المراكز وإخضاعهم لدورات طائفية وعسكرية مكثفة بغية الزج بهم فيما بعد وقوداً بمختلف جبهات القتال.
وطيلة سنوات الانقلاب الماضية، عملت الجماعة المسنودة من إيران على إفقار اليمنيين بشكل متعمد بإيقافها الرواتب، ونهبها موارد البلاد، وتوجيه الأموال لإثراء أفرادها، وتمويل موازنتها العسكرية لقتل اليمنيين، مما تسبب في توسع دائرة الفقر إلى أكثر من 80 في المائة من السكان، مقارنة بنسب ما قبل الانقلاب.

وكانت دراسة أجريت في 2013 شملت 8 محافظات يمنية، كشفت عن أن العدد الكلي للمتسولين في صنعاء يقدر بنحو 30 ألف طفل وطفلة؛ جميعهم دون سن الـ18، إلا إن دراسات أخرى صدرت في 2017 بينت أن عدد المتسولين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من 1.5 مليون متسول ومتسولة؛ خصوصاً في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وفي منتصف فبراير (شباط) الماضي، قدر أكاديميون مختصون بقضايا السكان، في تصريحات سابقة لهم مع «الشرق الأوسط»، أعداد المتسولين في صنعاء فقط، حتى مايو (أيار) من عام 2019، بأكثر من 200 ألف متسول؛ ذكوراً أو إناثاً؛ من مختلف الأعمار، مقارنة بنحو 30 ألف متسول قبل الانقلاب الحوثي في 2014.
وخلال العام الماضي، اتهمت مصادر محلية في صنعاء، الجماعة بتوجيه بوصلة القمع والابتزاز باتجاه فئة المتسولين لمحاصصتهم فيما يجنونه من أموال يجود بها عليهم فاعلو الخير، وذلك بعد أن استنفدت الجماعة حملات القمع تجاه فئات التجار وأرباب الأعمال والجمعيات الخيرية والمستثمرين.

وأرجعت المصادر ازدياد أعداد المتسولين بشوارع صنعاء وغيرها من المدن الخاضعة للميليشيات، إلى شدة الفقر وشح الأعمال وفقدان الوظائف الحكومية والخاصة.
بدورهم، حمل موظفون وعاملون بوزارة الشؤون الاجتماعية الخاضعة للانقلابيين بصنعاء، الجماعة مسؤولية تفشي ظاهرة التسول بأعداد غير مسبوقة خلال السنوات السبع الأخيرة.

وقال عدد منهم إن «السبب الرئيسي لتفشي الظاهرة واتساع رقعتها هو سياسات الجماعة التي قادت إلى نهب أموال السكان وتوقيف رواتبهم وحرمانهم من المساعدات الأممية والدولية».
وتحدثوا عن تنفيذ الجماعة في أبريل (نيسان) من العام الماضي، حملات ميدانية بناء على توجيهات من قادتهم استهدفت الطرقات والشوارع والأحياء التي يتجمع فيها المتسولون لتسجيل بياناتهم وأسمائهم وكل معلوماتهم التفصيلية بغية الاستفادة منها في تنفيذ مشاريع وخطط غير مشروعة بحق تلك الشريحة المستضعفة.

وكشف موظفون بوزارة الانقلابيين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أنهم قدموا قبل نحو عام ونصف مصفوفة حلول وإجراءات بإمكانها التخفيف من ظاهرة التسول بمناطق الجماعة، إلا إن قادة الميليشيات رفضوا حينها تنفيذها أو حتى الاطلاع عليها والتعامل معها؛ «لأن شغلهم الشاغل مكرس فقط لاستثمار معاناة اليمنيين المعيشية وأوجاعهم التي تتسع يوماً بعد آخر بهدف المتاجرة بها في الداخل والخارج»؛ حد قولهم.

وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، تفشياً مخيفاً لكارثة المجاعة منذ 5 سنوات على الأقل، مع ازدياد أعداد الأسر الفقيرة وفقدان آلاف الأسر مصادر عيشها.
وتشير تقارير محلية ودولية سابقة إلى أن ملايين اليمنيين بحاجة اليوم لمساعدات إنسانية عاجلة، في وقت ظهرت فيه مؤشرات المجاعة في أكثر من محافظة، جرّاء الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي على اليمنيين. وتؤكد التقارير أن استمرار الحرب سيهدد بحدوث مجاعة وشيكة في بلد هو في الأساس من أفقر البلدان في المنطقة.

وذكر البنك الدولي في تقرير سابق أن الحرب التي اندلعت في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 بانقلاب الحوثيين على الشرعية، تسببت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 مليوناً تحت خط الفقر؛ أي 80 في المائة من تعداد سكان البلد، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تغريدة حديثة لها على «تويتر» إن «نحو 24 مليون يمني بحاجة للمساعدات الإنسانية».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى