أوراق الخريف.. قطر ومصر والتفاؤل بالمستقبل

> د. أحمد بن سالم فرج باتميرا

> طويت نهائيا صفحة أزمة الخليج بعد قمة العلا التاريخية في المملكة العربية السعودية، لتكون هذه القمة بداية لرأب الصدع والتطلع نحو مستقبل أفضل للمنطقة، من خلال رص الصفوف العربية وتنسيق المواقف، وإشاعة أجواء من الأمن والاستقرار في الوطن العربي من الخليج إلى المحيط.

وجاءت استضافة قطر، قبل أيام لاجتماعات جامعة الدول العربية في الدوحة، رسالة تؤكد طي الصفحة وبدء العلاقات على نحو أفضل مع دول الخلاف، بعد إعلاء صوت الحكمة في حل الخلافات والمصالحة؛ لإشاعة أجواء التقارب والتوافق والسلام في المنطقة. ونحن اليوم نشهد التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات بين قطر ومصر من جهة، وقطر والدول الأخرى من جهة ثانية، والتي تصب جميعها في مصلحة كل البلدان.

لله الحمد والشكر، طويت صفحة الأزمة الخليجية، التي أضرت بالدول والشعوب قاطبة، وأضرت بالمنطقة عموما؛ لأن التحديات كبيرة تحتاج لتكاتف كل الجهود لمواجهتها في المنطقة والعالم.
ففي اجتماعات الدوحة وزيارة وزير الخارجية القطري للقاهرة، لاحظنا حفاوة الاستقبال في الجانبين من خلال التصريحات الإيجابية المتبادلة، التي أوحت أن العلاقات القطرية المصرية تعود بشكل طيب، وأن ما بين الدولتين من تعاون وتواصل واستثمارات يتحرك بشكل إيجابي في مواقف ومجالات مختلفة.

فهذا التفاعل السريع لتجاوز الأزمة الخليجية لم يكن غريبا على الإطلاق من قبل الدولتين، فاللحمة العربية لا بديل لها، وتقوية الكيان العربي ومجلس التعاون الخليجي أصبح ضرورة حتمية للانطلاق من القرارات والتوصيات إلى التفعيل والتنفيذ، وتغليب ونسيان الماضي، وقلب الصفحة بما يعزز أواصر الود والتآخي بين الشعوب والدول العربية.

لا شيء أفضل من العلاقات المبنية على التفاهم والاحترام والمصارحة والمصالحة، فما يجمع دولنا وشعوبنا أكثر مما يفرقها، لذا نكرر بأننا في حاجة للتقدم إلى الأمام وتفعيل القرارات والوقوف إلى جانب الشقيق في السراء والضراء.

كم كانت هي مناسبة طيبة للأمة العربية أن تلتئم العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة قطر، وكذلك دول الخليج الأخرى، وأن يتسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي دعوة لزيارة الدوحة، وأن يتسلم أمير قطر دعوة لزيارة القاهرة، وطي صفحة الماضي، والنظر للمستقبل من خلال توطيد العلاقات ولمِّ الشمل والتعاون العربي، كل ذلك أعطى نوعا من الارتياح بأن ما كان أصبح من الماضي، وأن العلاقات تسير نحو تجاوز الماضي، وتنسيق المواقف بشأن عدد من القضايا العربية والإفريقية والدولية.

وتجسدت الرغبة القوية من الجانبين المصري والقطري في تنشيط العلاقات وطي صفحة الخلافات في زيارة وزير الخارجية القطري للقاهرة وزيارة سامح شكري للدوحة، وما تضمنها من تصريحات مشجعة وإيجابية بينهما، ومن جانب وسائل الإعلام في البلدين، وهي خطوات إيجابية على طريق الوفاق بعد قمة العلا التاريخية، التي أعادت المياه بين الأشقاء العرب إلى مجاريها.

فشكرا لكل من سعى لطي هذه الصفحة، فهذا التقارب سيكون له أثر إيجابي كبير في تفعيل آليات العمل العربي المشترك، سواء على الصعيد الثنائي أو على الصعيد العربي المشترك الأوسع.

فالعلاقات العربية مهما واجهت من تحديات وخلافات في فترات متفاوتة، تظل متصلة دون انقطاع؛ لكون ما يربطنا أقوى من وشائج القربى واللغة والدين والجوار والأنساب وغيرها. وغدا بزيارة الرئيس المصري للدوحة وأمير قطر للقاهرة، التي يترقبها الجميع ستكون إيذانا بتدشين مرحلة جديدة أكثر حيوية ونشاطا وتقاربا بين الدولتين من جهة وكافة الدول الأخرى من جهة ثانية.

إن إذابة الجليد بين قطر ومصر سيكون له نتائج مؤثرة على قضايا عربية أخرى منها الملف الليبي والفلسطيني وسد النهضة الإثيوبي، وغيرها من الملفات التي سيكون للبلدين دور كبير في تحريكها بطرق مباشرة أو غير مباشرة، فضلا عن تعزيز وتطوير مسيرة العمل العربي المشترك التي نأمل أن تتقدم وتتفعل قرارات البيت العربي.

وعلى ذلك، اجتماعات جامعة الدول العربية في الدوحة ونتائجها قد فتحت الباب أمام مرحلة جديدة لتعزيز وتطوير العمل العربي المشترك، بعد سنوات عجاف ومريرة من الخلافات والانقسامات فيما يتعلق بقضايا المنطقة الراهنة، بالإضافة إلى تنسيق المواقف والعمل على مواجهة الأزمات، ومنها مواجهة وباء "كوفيد 19″، بما يضمن الحصول على كميات من اللقاحات.

ومهما حدث، تظل الشعوب العربية مترابطة ومتلاحمة، رغم الصعوبات والتحديات التي تتلقاها، وتظل القضية الفلسطينية هي الهاجس الأول لكل العرب، وكذلك الوضع في ليبيا وسوريا واليمن، وسد النهضة، وما أسفر عنه اجتماع الدوحة ولقاء أمير قطر بوزير الخارجية المصري يؤكد أن العلاقات المصرية القطرية تسير في الاتجاه الصحيح، وأن هذه التطورات المتسارعة تصب في مصلحة تعزيز أمن واستقرار المنطقة ولصالح كل الشعوب والدول الشقيقة. والله من وراء القصد.

"الوطن العمانية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى