ماذا تمتلك اليمن حتى يتصارع عليها الكبار؟

> د. فضل الصباحي

> أمريكا تصف الحوثيين بأنهم "طرف شرعي حققوا نجاحات كبيرة على الأرض، وليسوا وحدهم مسؤولين عن العنف في الحرب، يشاركهم في ذلك دول التحالف، وعلى المجتمع الدولي الضغط عليهم للتوقف عن الزحف نحو مدينة مأرب"، الهدف مأرب، الغنية بالنفط والغاز وبقاؤها تحت قيادة الإخوان يعرض ثرواتها للخطر. حكومة صنعاء المسيطرة على شمال اليمن لم تفرط بالسيادة، ولا بالثروات والمواني التي تحت سيطرتها، وهذا يحسب لها عكس حكومة الفنادق المتمثلة برئيسها هادي وجماعته الذين ضيعوا كل شيء.

في هذ المقال أقدم جزءا يسيرا من ما تمتلكه اليمن من ثروات وشواطئ وممرات وموانٍ وجزر وغير ذلك، ليعرف القارئ الكريم كيف أصبحت اليمن محل أنظار القوى الدولية الطامعة. هل اليمن فقير كما يروجون؟ أم أن هناك أطماع لا يعرف حقيقتها المتصارعون على الحكم في اليمن؟
الحقيقة: الحرب في اليمن ليست دينية ولا مذهبية، لكنها كما وصفها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب "حرب اليمن ليس لها علاقة بالسنة والشيعة، إنها حرب على النفط".

الصراع في اليمن تديره الدول العظمى من أجل السباق على النفط، والغاز والثروات المعدنية، والطبيعية، والبحار والمواني، والجزر والمنافذ البحرية، وخطوط الأنابيب، إنه صراع دولي بين الكبار قبل أن يكون إقليميا محدود المصالح والأهداف.

نشرت قناة روسيا اليوم تقريرًا عن الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عام 1988م كشفت فيه أن احتياطي النفط في اليمن يفوق احتياطي النفط في دول الخليج كاملة، لذلك على اليمنيين قراءة المخططات جيدًا، لأن مأرب والجوف على طاولة الكبار، وليست في يد المحافظ سلطان العرادة وجماعته كما يظن البعض، ولن يستطيعوا حماية ثرواتها بمفردهم، وإن استمرت حماقاتهم فسوف يصبحون غدًا في مرمى الأحداث كجماعة متطرفة، أو في أحسن أحوالهم، سيتحولون إلى متسولين حول طاولة الكبار .

اليمن من الفقر إلى الغنى
يقول الخبير الاقتصادي الدولي هارلود بوب: "اليمن الفقير في حقيقته سوف يكون من أقوى اقتصاديات العالم، سوف يتخطى كل الحدود الاقتصادية عالميا، اليمن بلد يمتلك أكبر الثروات النفطية والمعدنية والموانئ والجزر والممرات الدولية، وخطوط مد الأنابيب إلى البحر العربي، والأراضي الزراعية، والقهوة الأفضل في العالم، كل تلك المقومات سوف تعود على اليمن بمئات مليارات الدولارات سنويًا. أنصح اليمنيين بنبذ خلافاتهم والتمسك بالأرض. المستقبل القريب جدا هو لليمن رغم التحديات الحالية. ولا يحتاج اليمن سوى قيادات يمنيه نزيهة كفؤة مبدعة بدرجات عالية، وتلاحم اجتماعي والابتعاد عن التنازع، والحروب وسفاسف الأمور".

مضيق باب المندب وجزره
باب المندب له أهميه استراتيجية وعسكرية وأمنية حساسة، إذ يمر منه أكثر من 7 % من تجارة النفط في العالم، ونحو 10 % من تجارة الغاز الطبيعي المسال، فضلا على كونه بوابة عبور السفن عبر قناة السويس، وتلك التي تمر إلى أوروبا والدول التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، ويتم تهيئته لبناء مدينة النور العالمية والجسر الذي يمتد من اليمن إلى جيبوتي، والذي سيربط القارة الآسيوية بالقارة الأفريقية. سوف تحدث طفرة اقتصادية كبيرة، وتوفر ملايين الوظائف إن تم تنفيذ المشروع. وفق تقرير عملية مسح جيولوجي أمريكي عام 2002م، النفط الذي لم ينقب عنه في منطقة باب المندب وحدها يفوق 3 مليارات برميل. كذلك الخدمات التي يمكن لليمن تقديمها للدول وشركات الملاحة من خلال هذا الممر المهم قد تزيد عن عشرات المليارات من الدولارات سنويًا، وكثير من فرص العمل لليمنيين.

الهروب من مضيق هرمز
السعودية تريد إنشاء قناة لمد أنبوب نفط وتأمين نقل صادرتها النفطية عبر محافظتي حضرموت والمهرة اليمنيتين، وهذا مطلب طبيعي يوفر للسعودية الأموال الكثيرة، ويحميها من تخوفاتها من مضيق هرمز، في المقابل، سوف تحصل اليمن على نصف أجور النقل التي تقدر بما يزيد عن (100 مليار دولار)، وهذا يمكن تحقيقه بوجود دولة يمنية قوية قادرة على تبادل المصالح بين اليمن والسعودية، لما من شأنه خدمة التنمية والتطور في البلدين الشقيقين.

سقطرى الجزيرة الأجمل
نظرا للأهمية الكبرى لموقع جزيرة سقطرى، باعتبارها المفتاح الاستراتيجي للسيطرة على المحيط الهندي، سعت أمريكا و روسيا، والأن دخلت الصين في الخط، للسيطرة على هذا المكان المهم عالميا، وفِي نظر الأمريكان تعتبر السيطرة على المحيط الهندي المفتاح الرئيس للسيطرة على "البحار السبعة الكبرى في العالم" حاول التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عبر وكلائه السيطرة على جزيرة سقطرى، ولكنه واجه صعوبة أمام الكبار، ولا زال يحاول تحت مسميات مختلفة، وأي تجاوزات من أي دولة تقع المسؤولية القانونية والتاريخية، على عاتق الرئيس هادي وحكومته.

عدن قبلة التجارة العالمية
مدينة (عدن)لؤلؤة العرب التي كانت تملك ثاني ميناء على مستوى العالم!
ميناء عدن أهم ميناء استراتيجي في العالم، تطويره وإدارته من شركات عالمية متخصصة تستثمر فيه بعقود واضحة مع الدولة سوف يوفر عشرات المليارات من الدولارات سنويًا، ومئات الألاف من الوظائف، وتعود عدن بوجهها.

ميناء الحديدة يدخل منه 80 % من احتياجات الشعب اليمني.
يقول الخبراء: "إن ميناء الحديدة يعتبر من أهم المواني في المنطقة، وإن الاستغلال الأمثل لهذا الميناء سوف يجعله مع ميناء الصليف المجاور أكبر محطة ترانزيت ويمكن تقدير الحد الأدنى للدخل السنوي للميناء بين 20 إلى 50 مليار دولار، بالإضافة إلى الامتداد الساحلي، الذي سوف يجعل من هذه الموانئ بعد تطويرها من أكبر محطات الترانزيت العالمية تضاهي في أهميتها شبة القارة الهندية ودول شرق آسيا، وبالإمكان أن تكون محطات لحاملات الطائرات من كل دول العالم، ويمكن لليمن أن تجني من ورائها ما يتجاوز عشرات المليارات من الدولارات سنويًا".

الثروة الزراعية والسمكية في اليمن كفيلة بتغطية المنطقة بأكملها، وتوفير عشرات المليارات من الدولارات لليمن من الصادرات التي يزخر بها اليمن السعيد. حضرموت والجوف والحديدة وإب وأغلب محافظات اليمن تحمل الخيرات المباركة والكنوز المخبوءة من القرون الماضية.
السعودية التي تقود دول التحالف في حرب اليمن تقع على حدود واسعة مع اليمن لديها مصالح استراتيجية كبيرة في اليمن، أهمها الأمن والاستقرار على حدودها، ومن المصالح الاقتصادية خط أنبوب النفط من السعودية إلى البحر العربي عبر الأراضي اليمنية، وهذا يحتاج إلى وجود دولة يمنية شرعية قوية قادرة على عقد مثل هذه الاتفاقيات التاريخية المهمة.

دولة الإمارات أهدافها تسير في اتجاه التجارة والاستثمار، وخاصة المواني باعتبارها تستثمر في أكثر من 70 ميناء حول العالم، موضوع الجزر والمواني والممرات البحرية يمكن للإمارات المشاركة في الاستثمار فيها من خلال المشاريع التجارية والسياحية، التي تقرها الدولة اليمنية القوية، على أن تحصل اليمن على المقابل المادي الذي تستحقه وفق تبادل المصالح التجارية والاستثمارية التي تقرها القوانين التجارية الدولية، والشركات الإماراتية صاحبة خبرة طويلة في تنفيذ المشاريع الدولية الكبيرة، وتعرف تمامًا من أين تتحرك نحو الاستثمارات الناجحة.

الخلاصة: اليمن يحتاج إلى تصالح أبنائه أولًا؛ فمن العيب أن يقتل اليمني أخاه اليمني لمجرد خلاف على السلطة، أو من خلال تلاعب القوى الأجنبية بعقولهم. بعد ذلك، سوف ترضخ جميع القوى الدولية والإقليمية لمطالب الشعب اليمني في الشمال والجنوب، حينها يمكنهم تحديد خياراتهم وتحديد شكل دولتهم من خلال مشروع سياسي واضح يلبي تطلعات جميع فئات الشعب في الشمال والجنوب.

اليمن يحتاج إلى السلام أكثر من أي شيءٍ آخر، ورجال السياسة الحقيقيون هم الذين يعرفون تمامًا كيف يحافظون على وطنهم وثرواته وحدوده الجغرافية، ويتعاملون مع المجتمع الدولي ودول الجوار من واقع مختلف تبرز فيه المصالح المشتركة، والتعاون من أجل ازدهار اليمن وتنميته وتحقيق الأمن والسلام والتنمية والرخاء والتقدم لشعبه الكريم، لا أن يكون حديقة خلفية لأحد.

اليمن بدأ قبل التاريخ البشري، وملوك اليمن حكموا الأرض من مشرقها إلى مغربها، بلد يملك تاريخًا كبيرًا وحضارة هي الأعظم في التاريخ، كيف يصبح أبناؤه بهذا الغباء، يقتلون بعضهم على حطام الوطن الجريح الذي سلبه الفاسدون ولصوص السلطة عبر السنين. أما حان الوقت ليستيقظ الإنسان اليمني معجزة الله في هذه الأرض ليعمرها بالخير والسلام.

"رأي اليوم"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى