ليندركينغ غيت

> عبدالله الجنيد

>
عبدالله الجنيد
عبدالله الجنيد
محاولة الخارجية الأميركية احتواء تبعات تصريح مبعوثها الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ وصفه «الحوثي» بالطرف الشرعي والواجب التفاوض معه، انطلاقا من حيازة الأرض والقدرة على الدفاع عنها منذ 2015، يؤهله لذلك. والسؤال: هل أتى ليندركينغ بجديد؟ بل ربما من الواجب إجراء مراجعة لكافة الأزمات التي مررنا بها مذ ذاك دون مخافة الاصطدام بهاجس التباين السياسي المرعب عربيا، ولنبدأ بآخرها، أزمتي قطر واليمن. «الإجهاد السياسي» هو السمة المصاحبة للأزمات الطويلة، ودائما ما تكون الأهداف الاستراتيجية أكبر ضحاياها، وأولها إنهاء الأزمة. إساءة تقدير قيمة عنصر الزمن، قد يحول النصر التكتيكي إلى هزيمة سياسية.

ولنا تصور حال العالم سياسيا لو دامت الحرب العالمية الثانية لأعوام أخرى، وكذلك الحرب في البلقان، فهل كان العالم سيتعافى أو أن تحتمل أوروبا انقسامات جديدة نتيجة حرب ممتدة على الحدود السياسية للحرب الباردة. وذلك تحديدا ما يجب أن يستثير سؤالٍ آخر: كيف تحول الوضع العسكري في اليمن من الهجوم إلى الدفاع في مأرب؟ مأرب حُررت أكثر من مرة، وكلنا يحضرنا صيحة أحد الإعلاميين حينها «نحن هنا أين أنتم»، وقوات الشرعية كانت على مشارف العاصمة صنعاء أكثر من مرة دون تحقيق أي مكسب سياسي، في حين أن خطوط التماس في تعز والحديدة لا تزال ثابته من طرف واحد.

فيا ترى ما رؤية الشرعية للخروج من الأزمة ولو في شقها العسكري تمهيدا لمخرج سياسي؟ وليس من الجائز تحميل الشرعية وحدها مسؤولية ذلك، دون الأخذ في الحسبان مصادر التأثير على قراراتها، أكانت إقليمية أم دولية نتيجة التوازنات أو مساس بعضها بتوازنات كبرى ضمن معادلة التزاحم الاستراتيجي بين الكتل الكبرى، ونتيجة لذلك، نجحت الشرعية في تسليع «الشرعية» سياسيا، أي كونها الشرعية الوحيدة المعترف بها «دوليا»، وحتى حين ألمحت الولايات المتحدة قبول تمثيل الجنوبيين في مؤتمر استوكهولم، إلا أن الاقتراح رُفض من قبل الشرعية حينها.

فكيف يُعقل أن نتفهم تكافل الشرعية مع «الحوثي» في استدامة الأزمة، بينما تمارس أقصى أدوات الزجر السياسي والمعنوي في حق أبناء الجنوب.
وليعذرني القارئ إن تعاطفت نسبيا مع السيد لندركينغ في الاعتراف بـ«الحوثي» طرفا شرعيا، فذلك الطرف الذي لا يمثل حتى 5 % من ديمغرافيا اليمن اجتماعيا، استطاع الصمود كل هذه الفترة سياسيا وعسكريا، بل وتمكن من الإمساك بالأرض اجتماعيا، واقتصاديا منذ 2015.

وقبل مساءلة الولايات المتحدة لنسائل أنفسنا: إلى متى يمكن القبول باستدامة هذه الأزمة وكلفها السياسية والاقتصادية والمعنوية على اليمن وعموم منطقة شبه الجزيرة العربية؟ العالم يتوقع قرارا بحسم هذا الملف، حتى إن اختلف معنا في بعض آليات ذلك أو تفاصيله، إلا أن تأخير الحسم «الإغلاق» سيضر بمكانة وقيمة القرار السياسي على المستويين الإقليمي والدولي. وان احتجنا للاستدلال بسابقة سياسية، فإن قرار دخول قوات «درع الجزيرة» البحرين يفوق من حيث تحدياته السياسية حينها قرار التدخل في اليمن. كذلك، من الخطأ افتراض أن الاستنزاف غير المتماثل، سياسة قياسية بعد فشلها في سوريا.

* كاتب بحريني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى