​أطماع الإخوان تحوّل الجيش اليمني إلى عدوّ لأهل تعز

> حامد فتحي

> حراك شعبيّ واسع تشهده مدينة تعز، للأسبوع الخامس على التوالي، للمطالبة بتخليص المدينة من القيادات العسكرية والأمنية لمحور تعز، التي تنتمي لحزب الإصلاح، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في اليمن، والتي سيطرت على المدينة وريفها عبر تسخير الجيش لخدمة مصالح خاصة على حساب السكان الذين يعانون من حصار الحوثي للمدينة.
وتشهد المدينة أزمة إنسانية كبيرة، وانفلاتا أمنيا كبيرا على يد قوات محور تعز، التي تخلّت عن واجبها تجاه السكان وقتال الحوثي، وتحوّلت إلى ميليشيات حرب تحقق مكاسب شخصية وحزبية على حساب الخدمات العامة والأمن العام.

معاناة تعز
لا تكاد تقع حادثة في تعز إلا ويقف وراءها مسؤول ينتمي إلى حزب الإصلاح الإخواني، ومن بين هذه الحوادث -على سبيل المثال لا الحصر- رفض مدير مكتب التجارة والصناعة، ومدير مكتب النقل، ومدير مكتب كهرباء منطقة تعز مغادرة مكاتبهم، وتنفيذ قرارات المحافظ نبيل شمسان إقالتهم من مناصبهم، بعد احتجاجات واسعة على الفساد وتردي الخدمات العامة في المدينة.

واضطر مدير مكتب التجارة والصناعة الجديد إلى عقد اجتماع بالموظفين في أحد الشوارع، بعد رفض المدير السابق ترك مكتبه، مستندا في ذلك إلى دعم محور تعز العسكري.
وعقب اعتداء من القيادي باللواء 22، الموالي لحزب الإصلاح، عبد الحكيم الشجاع، مع مجموعة من مرافقيه على مكتب نائب العميد لشؤون الطلاب بجامعة تعز، رياض العقاب، بألفاظ مناطقية ونابية، على خلفية عدم قبول إحدى قريباته في نتائج امتحانات المفاضلة بكلية الطب والعلوم الصحية، أعلن التكتل المدني بتعز إطلاق أولى فعالياته الاحتجاجية للتنديد بفساد جيش المحور الذي يسيطر عليه حزب الإصلاح الإخواني، وذلك في 17 من شهر حزيران (يونيو) الجاري.

وأعلنت جامعة تعز تعليق الدراسة في الكليات والمراكز التابعة، وذكر بيان صحفي، صادر عن اجتماع طارئ لمجلس الجامعة، أنّ قرار تعليق الدراسة بسبب الاعتداءات المتكررة التي تطال حرم جامعة تعز وقياداتها ومنتسبيها، وفق ما نشرته صحيفة "الأيام" اليمنية.
وتشهد المدينة موجة واسعة من الخطف والاغتيالات والاعتداءات على المدنيين والمؤسسات التجارية الخاصة على يد أفراد وقيادات من محور تعز العسكري، ودخلت قيادات الإخوان، التي تقود المحور العسكري، في صراعات واسعة على ملكية الأراضي والعقارات مع السكان، ووظفت الجيش لطرد السكان والاستيلاء على أراضيهم.

ونشر مواطن من المدينة تسريبا صوتيا للقيادي في الكتيبة 22، بكر صادق سرحان، نجل مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الدفاع، العميد صادق سرحان، قام فيه القيادي العسكري بتهديد المواطن بإخفائه قسرا، وتقطيع جثته أشلاء على خلفية نزاع على ملكية أرض، وفق تقرير نشرته صحيفة "الأيام".
ويسيطر حزب الإصلاح على المنطقة الغربية في مدينة تعز، التي شهدت تظاهرة شعبية في 17 من الشهر الجاري، دعا إليها التكتل المدني الذي يضم أعضاء في الأحزاب والقوى المدنية والتكتلات النقابية ومنظمات المجتمع المدني، وردد المشاركون هتافات منددة بالفساد، ورفعوا لافتات تطالب برحيل القيادات الفاسدة في المرافق المدنية والعسكرية، وشعارات تطالب رئاسة الجمهورية بتحمّل مسؤولياتها في تصحيح الاختلالات القائمة بالمؤسستين العسكرية والأمنية، وإعادة بناء وهيكلة قوات محور تعز وفق أسس علمية ومهنية، وإزاحة الفاسدين.

وذكر بيان صادر عن المسيرة، أنّ "الفساد في محافظة تعز لا يقتصر على نهب المال العام، بل تجاوز ذلك إلى نهب الأرواح والحياة، مرورا باستباحة الممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل مؤسسات الدولة عن تقديم خدماتها للمواطنين، وتحويل معاناة المواطنين من غيابها إلى تجارة رابحة لتجار الحروب".
وفي مساء يوم المسيرة، عقدت قيادات سياسية ومدنية ووجاهات اجتماعية، اللقاء التشاوري الأول للتضامن مع الناشط السياسي عبد الله فرحان بعد محاولة الاغتيال التي تعرّض لها قبل عدة أيام، وحذّر اللقاء من استمرار الانفلات الأمني والعسكري والاختلالات القائمة في محور تعز، الذي تقوده قيادات بحزب الإصلاح.
وطالب بيان ختامي بوضع حدّ للاختلالات العسكرية والأمنية، وتشكيل لجنة عسكرية وأمنية مهنية، تتولى تصحيح وضع الجيش والشرطة بمحافظة تعز، ومكافحة الفساد وتدني الخدمات العامة ومستوى المعيشة.

أطماع الإخوان
ويسعى الإخوان إلى فرض هيمنتهم على مدينة تعز في سيناريو لا يقل سوءا عن جرائم الحوثي في المناطق التي يسيطر عليها؛ ففي الشهر الجاري، طمس محسوبون على الإخوان وجوها مرسومة على لوحات فنية في كلية الفنون الجميلة بجامعة تعز.
وتنشط قيادات المحور في عمليات تهريب البضائع من المدينة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وتحقق أرباحا كبيرة من ذلك، واستغلت القيادات القوة العسكرية لإرهاب الموظفين المدنيين الذين يكشفون عن هذه العمليات عبر المنافذ البرية.

وحول أطماع الإخوان في المدينة، يقول الصحفي اليمني من تعز، أدونيس عبد العزيز؛ تعدّ السيطرة على المدينة بشكل كامل هدف استراتيجي للإصلاح الإخواني، من أجل ذلك شرع منذ اليوم الأول في معركة اليمنيين ضدّ ميليشيات الحوثي قبل ستة أعوام بالدفع بكوادره لتصدر المشهد، ولاحقًا كانت هذه القيادات هي من تقود المؤسسة العسكرية والأمنية في مدينة تعز.

وأردف عبد العزيز، في حديثه لـ "حفريات"؛ نجح الحزب في ذلك بسبب تأثيره في الرئاسة، ومن الأخيرة صدرت قرارات تعيينات القيادات العسكرية الإخوانية على رأس المؤسسة العسكرية، باستثناء اللواء 35 مدرّع، الذي كان يقوده العميد عدنان الحمادي، الذي لقي مصرعه في جريمة اغتيال سياسي، استفاد منها الإخوان بتعيين موالٍ لهم على رأس اللواء.

وأكد عبد العزيز؛ أنّ اللواء 35 مدرع كان الوحيد الذي بُنى على أسس وطنية في القوات التي انضمت للشرعية، وبذلك كان عقبةً أمام مخططات الإخوان، ولهذا جرى اغتيال العميد الحمادي، وتعيين قائد موالٍ للإخوان، وتمت السيطرة على منطقة الحجرية في ريف تعز الجنوبي، بسبب كتلتها السكانية الكبيرة، وموقعها الاستراتيجي؛ حيث تشمل جبال مطلة على الساحل الغربي والمحافظات الجنوبية، وربما كان الهدف التالي بعد ذلك صوب المحافظات الجنوبية والساحل الغربي معا.

وحسب عبد العزيز، أتاحت السيطرة على المؤسستين الأمنية والعسكرية في تعز لحزب الإصلاح السيطرة على المدينة بشكل شبه كامل؛ فمثلا عندما تتقاطع أجندته مع قرارات السلطة المحلية، أو حتى رؤية القوى السياسية في المدينة، يدفع بعناصر من هذه القوات لبثّ الفوضى في المدينة تماما كما حدث في الأيام الأخيرة.

الحوثي والإخوان في تعز
ومنذ ثلاثة أعوام توقف القتال في جبهة تعز بين الشرعية والحوثي بعد الإعلان عن تفاهمات تعز في اجتماعات ستوكهولم، دون أن يحقَّق نجاح كبير لهذه التفاهمات في تكوين اللجنة المشتركة بين الطرفين حول تعز، التي كان من المقرر أن تدفع نحو رفع الحصار عن المدينة، وتشهد المدينة اشتباكات متقطعة دون تقدّم يُذكر لأيّ من الطرفين.

ويسيطر الحوثيون على المناطق الشرقية من المدينة، والتي تمرّ عبرها الطرق الرئيسة التي تربطها بصنعاء وعدن وذمار وإب والحديدة، وتسبّب الحصار الحوثي المستمرّ من 6 أعوام في أزمة معيشية كبيرة.
وحول الدور العسكري للإخوان في قتال الحوثي، يرى الصحفي أدونيس عبد العزيز، أنّ القوات في تعز في إجازة مفتوحة من مواجهة ميليشيات الحوثي منذ قرابة ثلاثة أعوام، وبدلا من التوجه لاستكمال تحرير المدينة وكسر الحصار، راحت القوات الموالية للإخوان تحرر ما تمّ تحريره من قبل، لأنّهم عدّوا أيّة منطقة لا يسيطرون عليها تمثّل تهديدا لهم، مثلما حدث في منطقة الحجرية، بعد اغتيال قائد اللواء 35 مدرع.

وبدلا من دفع حزب الإصلاح الإخواني بقوات الجيش من تعز إلى جبهة مأرب التي يشتدّ فيها هجوم الحوثي، بات يستعدّ للهجوم على المناطق التي يسيطر عليها الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة في الساحل الغربي، ما يكشف عن عدم جدّية الإخوان في قتال الحوثيين، وتخطيطهم للاستيلاء على مناطق الجنوب والغرب المحررة من يد سكانها.

وأنشأ الحزب معسكرات خارج إطار الجيش عبر تمويل قطري بهدف فرض سيطرة الإخوان على المدينة والمناطق المجاورة، وتحمل هذه القوات اسم "الحشد الشعبي"، وترتكب جرائم ضدّ المدنيين بدعم وحماية من محور تعز العسكري.

*"صحفي مصري - حفريات"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى