تأخير إعمار مبنى جامعة عدن، تدميرًا آخر للتعليم في الجنوب

> د. شمسان صالح عبدالله

> تعدُّ جامعة عدن النواة الأولى للعلم والمعرفة، وتعد أعلى هرم تعليميّ عريق، بوصفها منبع الأجيال والكوادر؛ ولكن - وللأسف- منذُ أن هُدّمت جامعة عدن أبّان حرب 2015 م من قبل طيران التحالف العربي بعد أن اتخذ الحوثيون مبنى الجامعة ثكنةً عسكريةً لهم، فهل يوجد للتحالف العربي ما يبرّر تأخير إعادة إعمار ما هدّمته الحرب، بعد مرور ست سنوات من تحرير مدينة عدن؟! فإذا كان هذا وضع الجامعة فكيفَ هو الحال بمئات منازل المواطنين التي هدمتها آلة الحرب؟!

إنّ هذه المدة الطويلة التي مرّت منذُ تحرير مدينة عدن، وحال مبنى الجامعة الوحيدة في عدن، على ما هو عليه، يدوّن في أنصع صفحات تاريخ هذه المدينة، وبالخط العريض: أن التحالف العربي ليس لديه أي استراتيجية، ولا أيّ مشروع لإعادة الإعمار، بحسب ما كان يُروَّجُ له، بقدر ما لديه من خطط بدون علم ترسمها له أطراف في الشرعية لمحاربة شعب الجنوب في جميع المجالات؛ حيث لم يتوقّف الأمر عند حد هدم مبنى جامعة عدن؛ بل رافق ذلك تجويع وتهميش لأكاديميّ الجامعات والتربية، حيث أصبح الراتب الشّهري للدّكتور الجامعي ما يعادل 230 دولارا، وراتب المدرس لا يتعدى 80 دولار.

وهذا الوضع المزري، الذي آلت إليه حال أعضاء هيئة التدريس، ينبئنا أن سكوتهم حيال هذا الأمر لن يستمر طويلًا.

شعب الجنوب العربي لديه موروث حضاري وأخلاقي مازال محافظًا عليه منذ الأزل، وصفات الوفاء والإخلاص تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل، وخير ما يثبت شيم الوفاء والإخلاص وقوف شعبنا الجنوبي مع التحالف العربي في وجه التمدُّد الفارسي من جهة، وانتصاره لقضيته الجنوبية من جهة أخرى؛ ولكن ما يؤسَفُ أنَّ ذلك الوفاء والإخلاص قوبل بالخذلان من التحالف العربي، وخصوصًا من قبل المملكة العربية السعودية، فمنذ تحرير محافظات الجنوب كنا نظنُّ أنَّ صفحة الحرب قد طُويت، وأنَّ الشعب في الجنوب سينعم بما لديه من خيرات، وبما سيقدمه له التحالف من الدعم الذي سينسيه بشاعة ما ارتُكبَ في حقه من المجازر والتدمير، ويُعوّضه ألم فقدان خيرة شبابه وأنبلهم؛ ولكننا فوجئنا بحربٍ من نوعٍ آخر، هي حرب الخدمات، ولكن هذه المرّة لم يكن الحوثي هو من يشنّ هذه الحرب على شعب الجنوب الذي حقق النصر في المحافظات المحررة، وإنما تشنّها ما تسمى بحكومة الشرعية، وتحت نظر دول التحالف، التي نعتقد أنها لم تعجز عن وضع حدٍّ لحرب الخدمات من قبل شرعية الفساد، كما ونعتقد أنّ دول التحالف بما تمتلكه من إمكانيات لا يُعقل أنّها غير قادرة على تشغيل الكهرباء، وتوفير الخدمات كما كانت عليه قبل حرب 2015م، ولكن يبدو أنّ اعتقادنا وحُسْن ظننا كان في غير محله، خصوصًا إذا ما تيقّن الجميع بعد هذه السنوات الطوال، أنّ الأمر لم يتوقف عند حدّ تهرُّب الحكومة والتحالف عن عملية إعادة الإعمار؛ بل تجاوز ذلك إلى الأدهى والأمرّ من قطعٍ لرواتب الموظفين في القطاع العسكريّ، باستثناء الوحدات العسكرية التي أنشأها التحالف، علاوة على توقيف ما يسمى بحكومة الشرعية للتوظيف في المجال التربوي والمدني، والذي يعتبر حقًا مكفولًا للخريجين، يقع على عاتق الحكومة، وهذا يعد سابقة خطيرة في تدمير المؤسسة التربوية التعليمية، الأمر الذي يفترض ألا تسكت عليه المنظمات الدولية، إلَّا إذا كانت متواطئة مع عصابات الفساد المحلية والإقليمية، وتجرّدت عمّا تدعيه من قيم العدل في حفظ الحقوق المشروعة للشعوب المنكوبة بالحروب وسواها، لا سيما وأن اليمن تحت البند السابع.

وعلى أي حالٍ فإنّ صبر شعب الجنوب لن يستمر طويلًا، ولن يصمت إزاء خذلان التحالف العربي له.

رسالة أخيرة للتحالف:
هل سيدرك التحالف بعد كل هذه السنوات العجاف أنّ دعم الشعب والوقوف في صفه هو الأبقى والأجدر والأَوْلى، أم سيستمر في دعم تجار الحروب المهيمنين على البلاد من خلال تلك الحكومة الفاسدة، التي لم تعد لها أيّ شرعية أو وجود في المحافظات المحررة .
أما آن الأوان للتحالف العربي بأن يفيق من سباته، ويعلن موقفه الداعم للشعب الذي نصره، ويتدخل في إعادة ما دمرته الحرب، وتوفير الخدمات بالتنسيق مع المجلس الانتقالي الممثل لشعب الجنوب بعيدًا عن تدخل الحكومة اليمنية الفاسدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى