القطاع الصحي في اليمن.. اختلالات تزيد من معاناة المرضى

> ​يعيش العامل في القطاع الصحي ظروفا غاية في الصعوبة والتعقيد، حاله حال المواطن اليمني، بسبب وضع البلد المتدهور عموما. كل هذه الأسباب وغيرها جعلت من بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية يعملون بأجور متدنية لساعات طويلة وضغط عمل عالٍ جعلت منه مجرد آلة مسلوبة روح رعاية المريض والاهتمام الكامل بصحته.
وقد أسهم القطاع الحكومي في انهيار قطاع الخدمات الطبية الحكومية على فترة طويلة من شبه انعدام الرواتب، وتسرب كثير من العاملين المَهَرَة إلى القطاع الخاص شديد الاستغلال لمثل هذه الظروف، وبالعكس لم يستفد المريض من ذلك، بل استمرت أسعار الخدمات الطبية في الارتفاع المتسارع؛ ليستفيد منها أصحاب المؤسسات الطبية ويتحمل عواقبها المريض والممرض معا دون رحمة أو مسؤولية.
أما ما يخص نقابات العاملين في القطاع الصحي عموما، فنلحظ غيابا واضحا، أو فقدان الدور والمسؤولية في الوقوف إلى جانب الممرض الكادح بشكل مبالغ في التماهي مع أصحاب المؤسسات الصحية، وهذا يطرح أسئلة عن الغياب غير المبرر أو المتعمد في عدم الاهتمام بالعامل في القطاع الصحي والمناداة بحقوقه.
ولوحظ هروب كثير من العاملين في قطاع الخدمات الطبية إلى مجالات عمل أخرى أقل التزاما وأكثر أمانا في فقدان الوظيفة وقلة الضغط النفسي، والحصول على التقدير الذاتي، والسبب معاناة العاملين في القطاع الصحي من فقدان في الحقوق وقلة في الاهتمام من مديري المؤسسات وضعف الأدوات الرقابية من الجهات الإشرافية.
وتعد الجهات الرقابية الحكومية والمدنية أهم العوامل في تحسن قطاعات الخدمة، وهي معيار التوازن بين المصالح للمؤسسات والعاملين والمرضى معا، بما يضمن الوصول إلى أفضل خدمة وأكثر استمرار بعيدا عن المنافسة غير العادلة على حساب طرف من الأطراف الثلاثة، ولا تلعب جهات الرقابة دور الوصي أو صاحب المنفعة على حساب طرف آخر.
وظهرت في الفترة الأخيرة ثقافة تنظيمية بين العاملين في القطاع الصحي من جهة وأصحاب المؤسسات الصحية من جهة أخرى في عدم الاكتراث إلى زيادة التسرب الوظيفي وانتقال الموظف من جهة إلى أخرى وقبوله بدون معايير تضمن حق الموظف في الترقية والراتب المعقول، وحق المؤسسة التي انتقل منها في ضمان مهنيته والتزامه بأخلاقيات المهنة في العمل لدى المؤسسات من إخلاء طرف وشهادة خبرة وتسكين عادل حسب الخبرات لكل عامل، ووفق المعايير المتعارف عليها.
ويقع قطاع الخدمات الطبية بشكل عام تحت كابوس الغلاء المعيشي، والمتضرر الأكبر هو العامل من الكادر الصحي، إذ يتراوح الراتب بين 100-200 دولار في الشهر، مقارنة بالعملة اليمنية يزيد وينقص مع بعض الفوارق في المؤسسات العريقة. وهذا لا يفي بجميع الالتزامات الأساسية، ولا يغطي احتياجات الأسرة الأساسية.
وأدى فقدان بعض العاملين في القطاع الصحي نسبة كبيرة من التأمين الصحي وحقوق نهاية الخدمة لدى المؤسسات العاملين فيها إلى تعزيز ضعف الولاء الوظيفي، وهذا بدوره انعكس على ضعف مستوى الأداء والتقصير في حقوق وخدمة المريض بقصد أو بغير قصد.
وانعكس الصراع الوظيفي داخل المؤسسات الصحية سلبا على حق الموظف بين الإدارة الطبية والإدارات الأخرى المساعدة، وأصبح العامل الصحي هو الضحية، خاصة في المؤسسات التي اعتمدت الربح على حساب جودة وكفاءة الخدمة الطبية.
لا شك أن المشكلات التي تطرقنا إليها في هذا المقال، التي يعاني منها القطاع الصحي التمريضي في اليمن، تجعلنا نشدد على ضرورة الحصول على كادر مستقر متمكن وقادر على تقديم خدمات صحية تنافسية يستفيد منها المريض والمجتمع عموما.
ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال إحداث توازن بين الاحتياجات الوظيفية للعاملين في القطاع الصحي، والالتزامات المهنية تجاه المرضى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى