جور الحكومة يقع على الطالب والمعلم

> الجيل المسلح بنور العلم، هو الركيزة الأساسية التي يستند عليها الوطن في نهضته وازدهاره، بل وفي تسيير جميع شؤون حياته، وكلما ارتقى الفكر وانتشر الوعي السليم تعافت المجتمعات من أمراضها ونهضت بقوة، فجرت عجلة التقدم إلى الأمام وازدهر الإبداع، وعمت السكينة، وساد الرخاء، لذا لم تفت تلك الحقيقة على الدول المتقدمة في العالم منذ زمن طويل، حين سعوا في رفع صرح العلم، وسخروا أمكانيات هائلة، وبذلوا أموالًا طائلة لتوفير أرضية جاذبة تساعد على الارتقاء بالمستوى العلمي، وتسهم في نشر شعاعه في عقول جميع شعوبها.

والأمر المؤسف هو ما شهدته بلادنا، ولا سيّما العاصمة عدن خلال فترة الحرب من تدمير تعسفي في مجالات عديدة، فلم تسلم العملية التعليمية من ذلك التدمير، الذي طالها وتفشى في جميع مدارسها وكلياتها، فالمستوى العلمي لأبنائنا في مختلف المدارس صار مخجلًا، فقد لعبت السياسة العقيمة لوزارة التربية والتعليم دورًا بارزًا في تحطيم المستوى العلمي للطلاب، وربما كان للظروف المعيشية الصعبة التي أحاطت بالمعلم أثرها القوي الذي انعكس بصورة سلبية على أداء دوره الحقيقي.

لقد جاء إعلان نقابة المعلمين الجنوبيين عن إضراب شامل يبدأ من اليوم المحدد لفتح المدارس وافتتاح العام الدراسي الجديد، للضغط على الحكومة حتى تغير موقفها السلبي تجاه القضايا الحقوقية للمعلمين، وتستجيب لمطالبهم المستمرة والشرعية في تحسين مستوى الدخل للمعلم الذي بات اليوم في الحضيض، مع الارتفاع الهائل للأسعار، حيث عجز المعلم عن التماشي مع صعوبة الحياة المعيشية القاهرة.

في الحقيقة نقابة المعلمين معها الحق في التعبير عن مطالب المعلمين والدفاع عن حقوقهم، فلم تجد سبيلًا لبلوغ هدفها هذا إلا من خلال تعطيل العملية التعليمية، ولكن ينبغي عليها التركيز على قضية الراتب، فليس من الحصافة أن تهتم النقابة بالعلاوات التي لم يعد مبلغها يمثل قيمة تذكر في المرحلة الحالية، ومع انهيار قيمة العملة، فالراتب والذي هو الأساس صارت قيمته اليوم تعادل علاوة أو أكثر بقليل، فينبغي عليها حصر مطالبها بتصحيح ميزان الراتب الذي أسهمت الحكومة في الإخلال بكفته عند استكانتها المريبة إزاء التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية، على الرغم من علمها بالنتائج الخطيرة والجسيمة المترتبة على ذلك.

ليس المعلم وحده من يواجه الحرب الشرسة في لقمة عيشه، فجور الحكومة وحربها شمل أيضًا الطلاب، فهم يعتمدون على أولياء أمورهم بإيفاء متطلبات حياتهم وتعليمهم، وما أصاب المعلم لحق بهم، فمعظم آبائهم يعملون مع الدولة، ورواتبهم أيضًا قد ذبلت واقتربت من قيمة إحدى العلاوات التي كانت في السابق تضيف الشيء القليل للراتب، فلا شك أن الجميع يواجه عاصفة العملة وعلى المركب نفسه، وزيادة على ذلك فقد تعسّر اليوم على بعض الآباء شراء ملابس ومستلزمات المدرسة لأبنائهم مع قرب دخولهم العام الدراسي الجديد.

فعلى هذا الأساس يجد الطالب نفسه بأنه الخاسر الأكبر في هذه المعادلة الذي أنتجتها الحرب العبثية، وبمشاركة فساد السلطة، وبالتالي وقع الطالب بين مطرقة الظروف المعيشية الصعبة وسندان توقف الدراسة وجفاف منهل العلم والتنوير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى