بوطني الاقتصاديون لا يعرفون اقتصاد الدولة

> عندما ننام ونصحو على خبرٍ جميل أو سيء، فإننا اليوم التالي بالأمر الطبيعي لن نصحو على نفس الخبر وإذا الصدفة جعلته يتكرر يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام متتالية، لكن أكثر من ذلك مستحيل، لكننا بالفعل منذ أكثر من ألف يوم ونحن ننام ونصحو على نفس الخبر ويا ليته كان خبراً جميلاً، بل هو خبر كارثي ولا يعطينا سوى الإحباط، ويغلق أمامنا الأفق لأي أمل يحقق لنا عيشة كريمة.

المصيبة العظمى أن الخبر يؤثر على كافة أبناء الوطن ما عدا الذين بالسلطة ويستلمون رواتبهم بالدولار والعملة الصعبة، فهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لأنهم عندما يستيقظون من نومهم لا يفتحون عيونهم إلا بصوت الفنانة فيروز ويتنفسون رائحة الياسمين والإفطار بما لذ وطاب أمامهم على السفرة، وهم لا يعلمون أن إفطارهم ليوم واحد هو بقيمة الوجبات الثلاث لمدة شهر كامل لأسرة مكونة من أربعة أفراد.

يبقى المواطن دائماً هو الضحية، والذي -بسبب التدهور الاقتصادي وارتفاع سعر صرف العملات- لم يستطع ذبح الأضحية أو إطعام أسرته لحمة العيد بخلاف مصر الحبيبة التي تم فيها توزيع لحوم الأضاحي لكل بيت وبالشوارع من قبل المواطنين لتجد بين يديك ما لا يقل عن ثلاثة إلى خمسة كيلو من اللحم، لأن في قلوبهم التكاتف الاجتماعي ورحمة الفقير ووجود الإيمان الكامل، فالمقتدرون لم يغلقوا أبوابهم لأنفسهم، بل فتحوها لكل جيرانهم وأهلهم، ومنهم من ابتعد أكثر ليصل إلى ما تسمى "مناطق العشوائيات"، وهي أفضل من حاراتنا التي ظهرت بين "ليلة وضحاها" من خلال البسط على الأراضي والبناء "بمنتصف الليل" دون تخطيط أو موافقات من الجهات الرسمية بالدولة، ونسأل المولى عز وجل أن يحفظ مصر وشعبها وقيادتها من كل مكروه، ونرفع أكفنا ليل نهار بكل صلاة وندعو الله تعالى أن يفرجها على وطننا رغم أننا لا نرى من الأفق سوى سواده، حيث تجاوز الدولار حاجز الألف الريال رغم مكوثه فترةً بمبلغ ستمائة ريال، وبسبب عدم وجود اقتصاديين لدينا يفهمون بالاقتصاد، تسارعت خطوات تراجع العملة المحلية دون أن نرى حلولاً ومعالجات جذرية ورغم طرح العديد من الحلول من قبل أكاديميين وناشطين وباحثين، ولم نسمع سوى حل واحد وهو أن "البنك المركزي يتخذ العديد من الإجراءات للحد من تدهور العملة المحلية"، لكن قبل أن يجف حبر هذا الحل من البنك المركزي إلا وأزمات المواطن اليومية تزداد وتتضاعف ابتداءً من ركوبه الباص لذهابه إلى عمله، حتى عودته إلى منزله الذي لا يجد فيه ما يأكله ليجدد طاقته ويقوي ذهنه بعد يوم عمل متعب.

وبما أننا ما زلنا كشعب نتنفس ونتحرك ونتحدى الصعاب، إلا أن هذه الكبرة إلى متى ستستمر؟ فمن يستطيع أن يوفر قوت يومه البسيط رغم تنازله عن العديد من المكملات الغذائية بسبب الارتفاع المخيف للأسعار؟ فغداً لن يستطيع أن يوفر الأساسيات من المواد الغذائية لاستمرار التدهور بعملتنا وارتفاع الأسعار، والرواتب تقل قيمتها الفعلية التي أقرت في ظروف معيشية بذاك الزمن الجميل قبل عشرات السنين.

ونحن هنا لا نطالب برفع الرواتب، لأننا تعودنا على أن أي رفع للرواتب سيواجهه ارتفاع بالأسعار والإيجارات، "وكإنك يا بوزيد ما غزيت"، لذا فنحن اليوم نطالب بتفعيل دور التعاونيات بأسرع وقت ممكن، وصرف المواد الأساسية شهرياً بالبطائق التموينية لكل المواطنين واختيار الأنواع الجيدة منها، لتستوردها الدولة مباشرة لعدد عشرة أصناف، بحيث تصرف للفرد وليس للأسرة وبحسب البطاقة التموينية، حتى نكون منصفين لتكتفي الأسرة بغذائها من هذه المواد الغذائية طوال الشهر.

وكما ذكرنا بمقال سابق كان تحت عنوان "أيها الشعب من معه دولار لن يسأل عنك"، والذي نشر يوم 17 يوليو 2021، وأكدنا به على ضرورة إعادة النظر إلى اللجنة الاقتصادية وإدارة البنك المركزي بشكل سريع قبل أن نرى سعر صرف الدولار قد وصل 1500 ريال، مع منحها كافة الصلاحيات ومنع صرف الرواتب بالعملات الصعبة لجميع العاملين بالدولة سواء داخلها أو خارجها ما عدا أعضاء السلك الدبلوماسي، وكذلك من يعمل بأرض الوطن حتى الذين يعملون بالمنظمات والأمم المتحدة وغيرها، فهل هناك قلوب ترحم وعقول ترأف ومشاعر تقدر؟ أم أن من بطنه ممتلئة ليس له هم إلا أن يريح عليها بشرب مساعد الهضم "فروتي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى