صفيحة ومسامير لها سنوات في قدم الحاج عبدالله بعدن

> تقرير: فردوس العلمي

>
عبدالله قاسم عبدالله سبعيني من إحدى قرى مدينة إب، تعرض قبل سنوات لحادث سير فاقم معاناته المعيشية، وعقد الحياة أمامه أكثر فأكثر، وخاصة بعد أن أصبح عاجزا تماما عن الحركة. يقول بصوت مخنوق: "مؤلم جدا أن تتعرض لحادث، ومن يصدمك يتركك مرميا على قارعة الطريق، ولا يسعفك، ويتركك لمصيرك المجهول، وموجع أكثر أن تعاني كل هذا الوجع وأنت في بلدك، ولا تجد علاجا لألمك ووجعك". رسم الزمن على ملامح وجهه أثار السنين تراه يجلس على كرسيه المتحرك المتهالك في شارع المتحف بصيرة شرق مدينة كريتر.


يرتدي قميصا أبيض خشية الحر الطافح، ويجلس بهدوء رغم الويلات التي يعيشها. لا يتحدث هذا المسن كثيرا، فقط تجول عيناه الدامعتان بصمت على وجوه المارة آملا أن تُمد له يد العون والمساعدة. يعاني الرجل في العقد السابع من ألم في رجله اليسرى نتيجة الحادث الذي لا زال يعاني من أثره حتى اليوم، وما زالت شرائح الصفيحة ومساميرها مغروسة في ساقه اليسرى.

التقت "الأيام" عبدالله لمعرفة ماذا حصل له، ولماذا ما زالت الصفيحة في ساقه وكيف يعيش بها ويتعايش معها فأجاب عنها بألم.

عبدالله أب لأربع بنات وثلاثة أولاد بعد أن تعرض للحادث، أصبح مُعاق حركيا، ولا يستطيع أن يعين نفسه بعد أن كان هو معيل أسرته، الأمر الذي دفعه للتسول، لكن مخاوفه تزيد من حين لآخر، وفي أوقات تضيق الطريق وتزيد صعوبة حركته وخوفه من أن يصدمه أحد المارة ويسبب لها ألم.
ساق الحاج عبدالله
ساق الحاج عبدالله


"نزحت أنا وعائلتي إلى عدن للبحث عن حياة أفضل، وسكنت في الممدارة، وتعرضت لحادث سيارة في مديرية الشيخ عثمان بالقرب من جولة القاهرة ويضيف "صحت وأنا في مستشفى الجمهورية وعرفت أن سائق السيارة الذي صدمني هرب، ولم يكلف نفسه نقلي إلى المستشفى، وأن أهل الخير هم من أوصلوني إلى المستشفى، ودفعوا تكاليف العلاج". بأسى لا متناهي يسرد عبدالله تفاصيل الحادث الذي أضعفه أمام الحياة وجعله مهزوما.

ولا يرغب في التوقف عن مواصلة وصف حاله، إذ يقول إنه راغب في إيصال صوته للعالم: "بقيت في المستشفى أتلقى العلاج حتى حصلت حملة الترحيل لأبناء الشمال، خرجت من المستشفى. توقف فجأة لأخذ أنفاسه بعد حديثه الطويل الذي أرهقه والذكريات المريرة التي عاناها في رحلة العودة إلى تعز على متن حافلة مكتظة بالركاب ومرور الحافلة في طرقات جبلية وعرة رأيته يرفع قدمه دون شعور وكأنه مازال في تلك الحافلة.

ويتذكر عبدالله الأحداث المأساوية التي عاشها ثم يستطرد: "بعد هذه الحملة التي عانيناها نحن أبناء الشمال وبسببها رحلت إلى تعز بعد خروجي من المستشفى أنا وأسرتي في حافلة مليئة بالركاب كان عدد المسافرين في السيارة كثير". ويواصل: "ونتيجة لضيق المساحة ووعورة الطرق التي مرت بها السيارة، كانت قدمي تدق في حديد المَقْعَد، ولم أستطع أن أمد قدمي براحة مما أدى إلى كسر أحدى المسامير في قدمي نتيجة اصطدام قدمي بمقعد الباص". قاوم الحاج عبدالله مرارة السفر بحثا عن الحياة، متحملا عبء أسرته وحيدا، متنقلا بين عدن وتعز ثم يعود به المصير نحو إب في رحلة علاجية هي الأشد تعقيدا معيشيا وأمنيا في ذاكرة الأسرة ككل، وعائلها بالتحديد.

"وصلت تعز ودخلت المستشفى، ولكن لم أستفد شيئا، وقال الأطباء إن من الضروري الذهاب إلى مستشفى إب فهم لا يستطيعون عمل شيء لي". حمل نفسه هم الطرق والتكاليف متجها صوب المدينة التي يأمل أن تشفي جروحه، يقول: "في إب قام الأطباء بإخراج الصفيحة وتركيب صفيحة جديدة فالعملية الأولى في عدن كانت الصفيحة من الداخل والمسامير من الخارج وفي مستشفى إب تم إخراج الصفيحة الأولي وتركيب صفيحة جديدة".

في سياق الحديث عن فصل جديد من المعاناة يقول عبدالله لـ"الأيام": "رفض الأطباء إجراء عملية جراحية له لإخراج الصفيحة من الساق، وعن السبب في ذلك، يقول: "وبعد مدّة رفض الأطباء إخراج الصفيحة من قدمي وقالوا لي نتيجة البرودة الشديدة في المنطقة إب إذا عملوا لي عملية سوف يتجمد الدَّم، لهذا أبلغني الطبيب بضرورة العودة إلى عدن كونها منطقة حارة".

ويضيف: "حاليا ما زلت بحاجة إلى مراجعة الأطباء فساقي تؤلمني والصديد يخرج منها كما ترين، ولا استطيع النوم براحة من خوفي لأدق قدمي في جدار، ولكن ظروفي المادية صعبة، ولا أستطيع تحمل ثمن العلاج لأخرج الصفيحة من قدمي".

وناشد عبدالله أهل الخير والمنظمات للنظر إلى حاله واحتياجاته، ليستطيع العودة إلى الحياة وممارسة حياته الطبيعة والتخلص من كرسيه المتحرك الذي قيده وجعله سجين العجز والخيبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى