مناظر قريش في المنصورة والشيخ

> ترتبط الذكريات الأكثر دفئًا وروعة في حياة الكثيرين منا بالمدن التي عاشوا فيها طفولتهم ومراهقتهم، وأنا واحد من هؤلاء من يحمل ذكريات رائعة لمدينتي الشيخ عثمان والمنصورة، أتذكر فيهما براءة الطفولة من الروضة حتى الثانوية، والمهرجانات والأحداث الرياضية التي كانت تقام فيهما وسينما الشرقية والشعبية، أتذكر كيف كنت مع أصدقائي نخطط للمستقبل في جلساتنا على كراسي ثانوية بلقيس وفي لقاءاتنا بمقهى الطميحي وبين مكتبة الشيباني وأستوديو نشوان، كانت حينها هذه السعادة الكبيرة النقية، أعترف أنني أحيانًا أشعر بالحنين إلى تلك الأيام التي كنت حينها لا أتعب من التنزه والوقوف في أطراف أي شارع من شوارع المدينتين النظيفة والقليلة المباني لأشاهد بحر كالتكس أو المملاح والإحساس بالرياح ورائحة البحر الجميلة وأنا واقف في مكاني، أما اليوم فالبناء العشوائي يحجب الجار، وروائح المجاري والقمامة في كل مكان.

العودة إلى الأماكن التي قضيت فيها طفولتك والمراهقة دائماً ما تحمل مشاعر غريبة مختلطة، ممتعة وحزينة ومثيرة للاهتمام بشكل خاص في المنصورة والشيخ عثمان، فهما مدينتان لهما سحر خاص وجاذبية عند الكثير من أبناء جيلي والكثير من الناس، واليوم تغير المشهد فيهما كثيرًا ويسير باستمرار نحو الأسوأ وأصبحت مرتعاً لبعض البلاطجة والقذارة، وذات إيقاع فوضوي عالٍ جدًا، والكثير من ساكنيها الأصليين غادروا المدينتين، فقد سئموا من الإزعاج والعشوائيات وعدم التخطيط ومن الخروج الدائم عن القانون في أغلب الأشياء والاختناقات المرورية، الغبار والقمامة والأوساخ والمجاري وحطام السيارات والباعة المتجولين والبسطات في الشوارع، وورش إصلاح السيارات بين البيوت، وأسلاك كهربائية فوق روسهم متصلة مع بعضها بطريقة غير آمنة، وعشوائية ساقت البنى التحتية والمدينتين نحو الدمار.

الحروب والفساد والنزوح والبناء العشوائي على المدينتين سلبهما كل شيء جميل كملاعب الأطفال والرياضية والحدائق، وتحولت المدينتان إلى مواقع بناء عشوائي مستمر، لذلك لا يمكن منع التلوث والإهمال المقرف فيهما إلا بمساعدة السكان، ومن الأفضل أن تحتل مواضيع النظافة واحترام القانون والخصوصيات وملكية الدولة والناس أولية في المدارس وفي خطب الجمعة بمساجد المنصورة والشيخ عثمان بكثافة بدلاً من التركيز على خطب عفى عنها الزمان.

إذا كان هناك مخرج سينمائي ثانٍ مثل مصطفى العقاد وبحاجة إلى مناطق قديمة لتصوير جزء ثانٍ من فيلم "الرسالة" عليه القدوم إلى عدن وتحديداً إلى هاتين المدينتين، لأن المناظر التي تذكرك بقريش مازالت حاضرة، فلا توجد كهرباء، والجمال والحمير والخيول والحطب والمجانين وأشكال أبو جهل كلها موجودة، وما على المخرج إلا إحضار كاميرات التصوير والممثلين و(أكشن).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى