عن أي وطنية يتحدثون؟

> أصبحت الوطنية في عالمنا العربي معياراً للجودة والشرف والانتماء، ويستخدمها الساسة العرب على ولاء الناس وانتمائهم السياسي.
للأسف الشديد ما زالت الوطنية سلاحاً فتاكاً بيد مدعيها من الأنظمة الحاكمة مع العلم أن أغلب الساسة قد يكونون هم من فقدها، وقد تستخدم الوطنية للتغطية على أعمال فساد كبيرة يديرها مسؤولون كبار قد استثمر مفهوم الوطنية على أيديهم استثماراً تجارياً كبيراً عائداً عليهم بملايين الدولارات.
لماذا فقد الناس أي شعور بالوطنية؟ لأن الطبقة الحاكمة قد احتكمت واستولت على مقدرات الوطن وثرواته وخيراته.

عن أي وطنية ووطن يتحدثون؟
نحن من يتحدث عن وطن يعيش على المساعدات والهبات، عن وطن محمل بالديون، عن وطن مثقل بالجراح والألم، عن وطن يعيش شعبه معاناة في الكهرباء والمياه والرعاية الصحية، عن وطن حجبت الرواتب عنه، عن وطن فيه أب مديون يريد أن يحقق طموحات أبنائه، وأقل طموحاته في الحياه العيش الكريم.

يُطلب ممن لا يجد قوت يومه أن يحب الوطن، ويُطلب من عسكري في الجيش أو الأمن أن يتحلى بالوطنية ويحب الوطن، ويُطلب من الطيار والمهندس والمعلم وحامي الوطن أن يصبر ثمانية أشهر بدون راتب، أو أن يقف يستجدي عاطفة الناس وينتظر ما يجود عليه الناس به من حفنة ريالات، ويُطلب ممن يتسول في الجوامع وعلى أرصفة الطرقات أن يغرس في أولاده حب الوطن وهو لا يجد قوت يومهم.

أيها البائعون للوطنية، أيها المستثمرون بمعاناة الناس، حقاً هم فقراء وينقصهم كل شيء، كهرباء، مياه، ورعاية صحية، ومرتبات، لكنهم أغنياء بحب الوطن، الوطن الذي عرفوه وأحبوه ولم تعرفوه أنتم ولم تحبوه حين بعتم الوطن بالاغتراب عنه وبعدتم عن الشعب.
وبعد فسادكم هذا أسألكم بالله كيف تنامون مطمئنين وأنتم سلبتم حقوق شعبكم كلها؟

إن الأمر يحتاج ضميراً حياً وأنتم ضمائركم تركتموها جانباً قبل قسمكم.
رجاءً لا تتحدثوا عن حب الوطن والوطنية وأنتم لم تذوقوا ما يذوق المواطن من معاناه في الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والرواتب وغلاء الأسعار وهبوط العملة، لأن حب الوطن يتطلب الصبر، والصبر لا يوجد عندكم، أنتم عندكم حب النفس والمال وليس حب الوطن وحب الناس.

نعم.. أحبوه بلا مقابل، أحبوه بحلوه ومره صابرين حامدين شاكرين، ويتمنون أن تتركوهم وتفرجوا عن رواتبهم، وأن يبنوا وطنهم الذي لم يغادروه، ويعيشوا كيفما أرادوا بعد أن ضحوا بالغالي والنفيس.
نحن أحبننا الوطن لأنه الملاذ والروح والولاء وأنتم أحببتموه كقطعة حلوى أو تورتة تتقاسمونها بينكم.
كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى