المعركة المحورية.. مصير مأرب يحدد طريق المفاوضات في اليمن

> "الأيام" عن/ الحُرة:

> على مدار الشهور الماضية، استمر تدفق الشبان إلى المستشفيات مباشرة من الخطوط الأمامية في الحرب اليمنية، وأطرافهم مكسورة أو مفقودة، أو جلدهم محترق بالصواريخ وطائرات بدون طيار، وجروح بالرصاص في رؤوسهم وأعناقهم.
هذا المشهد القاتم بسبب التصميم المستمر لطرفي على كسب ما يٌعرف بـ"المعركة المحورية" في الصراع المستمر منذ سبع سنوات، وفقا لصحيفة الاندبندنت.

في التضاريس الصحراوية القاسية على مشارف مأرب، يشتعل القتال بين الحوثيين المدعومين من إيران، والحكومة المعترف بها دوليًا، المدعومة من السعودية، للسيطرة على هذا المعقل الاستراتيجي في شمال البلاد.
وبحسب الصحيفة، يسعى الحوثيون على المدينة: للسيطرة شبه كاملة على شمال اليمن، والوصول إلى البنية التحتية الرئيسية للنفط والغاز.  أما بالنسبة للقوات الحكومية، سيكون هذا بمثابة نكسة هائلة.

خلال سنوات الحرب، تدفق أكثر من مليون مدني فروا من القتال في أماكن أخرى إلى محافظة مأرب، ويمكن الآن نزوح العديد منهم مرة أخرى مع اقتراب المعركة. وقُتل وجُرح البعض، بمن فيهم أطفال، جراء الهجمات الصاروخية والقصف.
هذا العام، رفض الحوثيون عرضًا لوقف إطلاق النار من السعودية كان من الممكن أن ينهي إراقة الدماء، قائلين إنهم سيوافقون على مناقشة هدنة فقط بمجرد إعادة فتح مطار العاصمة صنعاء ورفع جميع القيود عن ميناء الحديدة.
ويواصل التحالف، الذي تقوده السعودية، السيطرة على المجال الجوي للبلاد والميناء، وهو شريان حياة هام للبلاد، الغارقة فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

المشكلة الأكبر
وبسبب ضغط الحوثيين، لجات القوات الحكومية والقوات المحلية المتحالفة معها لحفر الخنادق في سفوح التلال وتمركزت فوق القمم التي تنتشر في الأراضي القاحلة، مستخدمة الأرض المرتفعة لإطلاق النار عبر الامتداد الرملي، تدعمهم الضربات الجوية السعودية المتكررة على مواقع الحوثيين القريبة. لكن القوات الحكومية هي نفسها عرضة لضربات الحوثيين بصواريخ وطائرات بدون طيار.

قال رئيس أركان الجيش اليمني، الفريق صغير بن عزيز، متحدثًا بالقرب من خط المواجهة غرب مدينة مأرب: "مواجهة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ، هذه هي المشكلة الأكبر".
ومنذ مطلع العام الحالي، قٌتل ما لا يقل عن 1700 جندي حكومي في محافظة مأرب وأصيب حوالي 7000 في هذه المعارك، بحسب بن عزيز. ويُعتقد مراقبون أن الحوثيين، الذين لم ينشروا التهم الرسمية للقتلى، يتكبدون إصابات خطيرة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الغارات الجوية السعودية.

وبحسب وزير الإعلام في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، ضيف الله الشامي، قال إن الحوثيين صعدوا تلك الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة ردا على الضربات الجوية السعودية.
عمار أبو صالح، 29 عاما، فقد ساقه اليسرى في انفجار لغم أرضي في 2018 أثناء قتاله على الخطوط الأمامية مع القوات الحكومية، على حد قوله لصحيفة الاندبندنت، ثم بترها بعد أن احتجزه الحوثيون كرهينة. في النهاية، تم إطلاق سراحه في عملية تبادل أسرى، وتم تركيب طرف صناعي له  وأُعيد إلى خط المواجهة.

لكن في أواخر العام الماضي، تعرض لإطلاق نار واضطر إلى المشاركة بدون طرف الصناعي، مستخدمًا رشاشًا في الجبال خارج مأرب. يقول: "إعاقتي لا تكفي لإبقائي في المنزل. أشعر أنني أُجبرت على القتال".
يقول محمد عبده القباطي، رئيس هيئة المستشفيات: "هناك ضغط متزايد على المستشفيات يوما بعد يوم. تعالج المنشأة الآن عددًا قليلاً من المدنيين، في ظل التدفق المستمر للجنود الجرحى".

و في جناح العناية المركزة، يروي صبي يقول إنه يبلغ من العمر 15 عامًا كيف أُطلق عليه الرصاص أثناء قتاله مع الحوثيين قبل حوالي 11 شهرًا. وتسببت طلقج في العمود الفقري أصابته بالشلل.
ونفى الوزير الشامي أن يكون هناك أطفال يقاتلون من أجل الحوثيين ويقول إن مثل هذه المزاعم "غير صحيحة".

حجر العثرة
يقول محللون إن المعركة على هذه المحافظة الاستراتيجية تعرقل الجهود المتجددة لوضع حد للحرب. وأضاف تيموثي ليندركينغ، المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن: "ما نراه هو تصميم كامل من قبل الحوثيين على السيطرة على مأرب". وتابع "معركة المحافظة هي حجر العثرة في المفاوضات".
ويؤكد محللون أن الغارات السعودية أعاقت تقدم الحوثيين إلى حد كبير، على الرغم من أن الحوثيين يقولون إنهم حققوا بعض التقدم الملحوظ في الآونة الأخيرة.
وتقول إيلانا ديلوزير، الزميلة البارزة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "لا يمكنك حقًا الفوز في حرب بالقوة الجوية. هذا هو المكان الذي تتعرض فيه الحكومة للكثير من المتاعب لأنها ليس لديها ما يكفي من القوة لهزيمة الحوثيين، فقط الضربات الجوية هي من تمنع تقدمهم".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى