العملة والبنك المركزي مرة أخرى

> كنت قد تناولت قضية البنك المركزي في عدن منذ سنوات تحت عنوان (بنك عدن المركزي كذبة كبرى)، وكذلك بالمثل (العملة العملة يا تحالف).

بكل تأكيد أنا مع الفصل المالي والاتصالات عن صنعاء الحوثية بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014م، لكن كانت لدي شكوكي وقناعتي أيضاً بأن التحويل لم يكن سوى كذبة كبيرة ومسرحية هزلية جلبت النكبات للمناطق المحررة افتراضاً، وأنزلت العبء عن كاهل الانقلابي ومدته بأسباب الحياة مرة أخرى وهذا ما حصل، حيث إن اللعبة الدولية الإقليمية المحلية اقتضت أن يتم تعويم العملة المحلية، وتم البحث عن منفذين مطيعين فلم يوجد سوى الاتجاه جنوباً، حيث الأمور مع الشرعية ميسرة ومستعدة كعادتها تفعل ما يطلب منها دون نقاش، فيما عدا تحرير صنعاء وعودتها ورفع العلم على جبال مران بصعدة.

التعويم تم من دون المرور بالأطر المسماة دستورية رغم انتهاء شرعيتها كلها مجتمعة (الرئاسة والنواب والشورى).
التعويم كان جريمة بحد ذاتها كون البلد منقسماً ويعيش حالة حرب، ولم يتم تعويم في أي دولة أثناء الحروب إلا مع شرعية هادي ومن تبعه في عدم المبالاة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

أُعلن أخيراً عن إيقاف 54 محل صرافة (أكشاك ودكاكين الصرافة)، وأعلن عن توجهات لحماية العملة، ونحن سنرحب بذلك إن كان الإجراء صادقاً وفاعلاً ونافذاً، لكن نقدنا كان لتلك الإجراءات التي لن تفلح، بل ستسهم في المزيد من التدهور.
لماذا ذلك؟ الجواب بكل تأكيد هو التعويم وغياب دور البنك الحقيقي، وإذا كانت هناك مصداقية، فليلغى التعويم بقرار سيادي ومن التحالف.

هذه ستكون الخطوة الحقيقية الأولى بالاتباع والتنفيذ، ثم بعد ذلك تصحيح سلوك ومعايير العمل في البنك ابتداءً من الإدارة إلى العمل المصرفي الحقيقي، ومن ثم إلزام الجميع بتسليم كل الإيرادات إليه، وكذلك وقف التحويلات بالعملة الصعبة للمسؤولين، وإلغاء كيان الدولة العبثية في الخارج، والاكتفاء بحكومة حرب مصغرة.

فمن عجائب الشرعية أن تكون دولة كاملة مهاجرة، فكيف يستقيم الأمر بتعيين محافظين ومدراء عموم مديريات ومكاتب وزارات ووكلاء محافظين، وكل ذلك لمحافظات هي تحت سيطرة الانقلابي الحوثي؟ فكيف ستتعافى العملة، والصرف لهؤلاء بالدولار والريال السعودي؟
أمور المحافظات المحتلة من حسن إيرلو يكتفي فيها بمندوب في وزارة الشؤون الاجتماعية فقط، أما مدراء ووكلاء لمؤسسات هي أصلاً متواجدة بعيداً عن سلطة ونفوذ الشرعية، فهذا هو الانهيار المتعمد للعملة، ولم يحصل في تاريخ الأمم تشكيل دولة بكل قوامها ومؤسساتها بالخارج والبلد داخلياً تحت سيطرة آخرين.

ما هو معلوم أنها فقط تتشكل حكومة، أي مجموعة وزراء بعدد قليل لا يتجاوز العشرين وزارة، أما تشكيل دولة بكل مؤسساتها بالخارج، فتلك مهزلة وجريمة وهي سبب تمدد الحوثي في جميع مناطق الشمال، وفتح شهيته للتوسع باتجاه الجنوب ابتداءً من شبوة وأبين وحضرموت.
بالعودة إلى وقف الانهيار وتصحيح الخلل، فإلغاء التعويم هو أقصر الطرق وأصدقها وأوثقها وما عداه لهو حديث لا غير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى