يا حيران

> ما هذا الليل وأنت يا مواطن تسلو؟.. غلاء يتبعه غلاء وأنت تخاطب الدولار "إنا عليك لقادرون أيها السيد الأصلع"، ما كلّ زندك ولا ملّ، تنتزع الرغيف من قبضة كفه العتيدة.
هب يا إنسان هذا البلد إنك مصاب بسهم هذا الدولار، لكن كم سهماً صوب إليك من جهة الحكومة؟ ومن سدد إلى صدرك هذه الرمية؟

أنت حيران، لكن ما وجدنا مواطناً مثلك في الأقطار يحتار، ثم يبتسم ويسلو والغلاء يحلق فوق رأسه صباح مساء.
مراقبون يكادون لا يصدقون أن البلد يشهد حرباً ضروساً، فالصورة لدى المواطن العادي ليست قاتمة إلى درجة التشاؤم، بل هي اعتيادية ومألوفة، إنّهُ يهتف:

إن كان عندك يا زمان بقيةٌ
مما نهين به الكرام فهاتها

قد يشكو فقير من سعر الرغيف والحليب، بينما هو يلمس شاشة جوال مطور ويسرح في مشاهدة الصور والمقاطع، وقليلاً ما يعرج على أخبار الحرب في الجبهات، وبعضهم اجتالتهم الشياطين فتراهم قريبين من همّ سعر القات يتأملون صعوده وهبوطه، ولا يلوون على سعر الدقيق وإن جاوز الـ 30 ألف ريال، وأناس يؤرقهم الغلاء، لكن يربطون على قلوبهم بالصبر، ويستبعدون أن يربطون على بطونهم بالحجر، وشعارهم "إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين".

إنسان هذا البلد حيران، لكنه ينام ملء جفنيه متماسك يريد الغلاء أن يدكه وهو الذي يدك الغلاء كأنه جبل لا صدعته آلة حرب ولا أثرت فيه معاول فساد ولا هزته تدابير الغلاء وحيل آكلي السحت، والحكومة احتارت في أمره، بينما حيرته سخرية من أداء شرعية تغط في نوم عميق، ولا يضره أن يجوع يوماً ويشبع يوماً فلا يحزن ولا يجزع، وليس يعنيه أن يتابع نشرة أخبار تمنيه بالرخاء من زمان، فإذا هو يصبح مذبوحاً على دولار شديد المراس أبو 1300 ريال، حيران يهيم، لكنه لو أراد قلب الطاولة لفعل، يمسي على أمل ويصبح على أمل، يحب وطنه ولا يريده أن يضطرب ويحترب، لكن كتب عليه القتال وهو كاره له، إنه مواطن حيران، لكنه يرى بين الساعة والساعة فرجاً، فيصبر على الرزايا عندما تكون نصب عينيه هذه العبارة "قد يمكن أنْ أكون في شر مما أنا فيه".

يا مواطن يا حيران أتعبت الحيارى من بعدك، بينما أنت تغني للأمل:
اشتدي أزمة تنفرِجِي
قد آذن صبحك بالبلج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى