شريان حياة ملايين اليمنيين عُرضة للصدمات: التحويلات المالية محاصرة

> تقرير/ زكريا الكمالي:

> ​لعبت التحويلات النقدية الداخلية والخارجية دورا محوريا في مساعدة ملايين اليمنيين على التعامل مع الصدمات الاقتصادية المتلاحقة منذ بدء النزاع قبل نحو 7 سنوات، إلا أن شريان الحياة الوحيد الذي حال دون انزلاق البلاد إلى مجاعة حقيقية طيلة الفترة الماضية بات هو الآخر ضحية لصدمات مزدوجة.

وساهمت التحويلات القادمة من الخارج، وخصوصا من دول الخليج، في تعزيز قدرة آلاف الأسر اليمنية على مجابهة التدهور الاقتصادي إثر انهيار العملة وفقدان مصادر الدخل، فيما حافظت التحويلات الداخلية على مستوى معين من العيش الكريم لآلاف الأسر والموظفين القاطنين في مناطق سيطرة ونفوذ جماعة الحوثيين المحرومين من الرواتب.

وجراء الانهيار القياسي في سعر العملة اليمنية والتي تجاوزت حاجز 1300 ريال مقابل الدولار الواحد خلال الفترة الأخيرة، أوقفت الحكومة المعترف بها دوليا التحويلات الداخلية بشكل مؤقت وألغت تراخيص نحو 72 شركة وشبكات تحويل أموال داخلية منذ منتصف أكتوبر الجاري وحتى أول من أمس، عندما أصدر البنك المركزي في عدن قرارا إضافيا بمنع التعامل مع 7 شبكات تحويل رئيسية.

وتسعى الحكومة اليمنية لكبح الانهيار الحاصل للعملة المحلية، خصوصا بعد شبهات بأن المضاربين يقومون بنقل النقد الأجنبي من عدن وحضرموت ومأرب إلى المناطق الخاضعة للحوثيين.
ولم تنجح التدخلات المتلاحقة التي نفذها بنك عدن خلال 10 أيام مضت في تعافي العملة. وقال صرافون لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الصرف في مناطق الحكومة سجلت، أمس الثلاثاء، 1290 ريالا أمام الدولار الواحد.

وتهدد القيود الحكومية الأخيرة شريان حياة آلاف الأسر التي تعتمد على تحويلات داخلية شهرية قادمة من المراكز الاقتصادية في عدن ومأرب ومدينة تعز، على شكل إعانات من الأقارب أو مرتبات شهرية من مؤسسات حكومية.
وقالت مصادر مصرفية في مدينة تعز لـ"العربي الجديد"، إن التحويلات الداخلية تراجعت بشكل قياسي خلال الأيام الماضية مع إغلاق هذا العدد الكبير من شركات الصرافة وكذلك اتساع الفارق بشكل كبير بين أسعار الصرف في مناطق الحكومة ومناطق الحوثيين إلى نحو 120 بالمائة.

ووصفت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، القرارات الحكومية بأنها جائرة، وخصوصا أن العشرات من الشركات المغلقة لا علاقة لها بالمضاربة، لافتة إلى أن البنك المركزي يعرف على وجه الدقة من هي الشركات التي تقوم بسحب النقد الأجنبي من السوق ومع ذلك لم يتم إيقاف عملها كونها تتبع لنافذين.
وحسب المصادر، فإن شبكة المضاربين لا تقوم بنقل الأموال بشكل يومي من مناطق الشرعية إلى مناطق الحوثيين، بل تعمل على تقييدها دفتريا في حسابات لدى شركات الصرافة، وهو ما تسعى الحكومة لوقفه أيضا، بعد تحذيرها التجار من إنشاء حسابات لدى الصرافين.

وأدى الفارق المهول في أسعار الصرف إلى تضرر شرائح مختلفة من المستفيدين. ووفقا لنشوان أحمد، وهو موظف حكومي يقطن في مناطق سيطرة الحوثيين شرقي تعز، فإنه لم يعد يتقاضى من راتبه سوى 40 بالمائة فقط مع ارتفاع عمولة التحويل إلى أكثر من 120 بالمائة من مناطق الحكومة.

خلافا للموظفين الحكوميين، يحرص تجار وعمال بالقطاع الخاص في عدن وتعز ومأرب على إرسال تحويلات نقدية شهرية لمن يعولونهم في صنعاء، لكن هذه العملية باتت شبه مستحيلة بسبب الفارق الهائل في أسعار الصرف، إذ يصل سعر الدولار في مناطق حكومة عدن إلى 1300 ريال، فيما لا يتجاوز في مناطق الحوثيين 600 ريال.

ويشعر معظم العمال بالأسى من زيادة عمولة التحويل إلى مناطق الحوثيين، ويقولون إنّه من الظلم أن يتلقى المستفيدون مبلغ 60 ألف ريال يمني هي قيمة 100 دولار في مناطق الحوثيين من حوالة نقدية تبلغ 130 ألف ريال (تعادل نحو 100 دولار في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً).
التحويلات الخارجية تعرضت هي الأخرى لهزات أوسع. ووفقا لتقارير دولية، كانت التحويلات الخارجية إلى اليمن قد شهدت انتعاشا بطيئا خلال الفترة من أكتوبر 2020 وحتى يوليو 2021، بعد الهزات التي تعرضت لها جراء فيروس كورونا وتقليص وظائف المغتربين، لكنها لم تعد بالكامل إلى مستويات ما قبل تفشي الجائحة.

وذكر عبد الرقيب محمد، وهو مغترب يمني في السعودية، لـ"العربي الجديد"، أن القيود المفروضة وتقليص عملية التوظيف أجبرته على تقليص التحويلات الشهرية بنحو 50 بالمائة، رغم أنها المصدر الوحيد لإعانة أسرته وإنقاذها من المجاعة.
ويقول المغتربون إنه منذ تفشي كورونا تمت سعودة الوظائف في القطاع الخاص وتخفيض المرتبات فضلا عن ارتفاع رسوم الإقامة والضرائب إلى 3 أضعاف، ما يجعلهم عاجزين عن الاستمرار في إرسال التحويلات الشهرية ذاتها رغم شعورهم بمعاناة أسرهم داخل اليمن.

العربي الجديد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى