بين التنافس والاستقطاب

> محمد عبدالله الموس

> التسابق بين الناس من السنن الأزلية، من التسابق في الخير إلى التسابق على المغانم الشخصية أو حتى الحزبية وربما القروية.

التسابق المشروع هو التنافس الشريف للوصول إلى الأفضل، أو لاختيار الأفضل اعتماداً على مقاييس المفاضلة، وهي متعددة، من المفاضلة بين الرؤى والنظريات إلى المفاضلة بين الخطط والدراسات وغير ذلك، وما يعنينا في هذا التناول هو أهم جوانب المفاضلة التي تجري بين الأشخاص لتولي أمر ما من أمور إدارة المجتمع.

ولأن التنافس حاضر في كل زمان ومكان، فإن كل طرف يرشح أفضل ما لديه من الأشخاص لتولي الأمر، كي لا يجد الطرف الآخر عيباً أو سلبية يأخذها على من يرشحه، وهكذا تحظى المجتمعات بأفضل ما لديها لتولي أمورها، وتلكم هي الحالة السوية في المنافسة (إيجابية التنافس)، وقد يجد لها علماء الاجتماع توصيفات مختلفة لا تبعد عما ذكرناه.

الحالة المغايرة لحالة التنافس بالأفضل هي حالة الاستقطاب وهي الحالة الأشد خطراً على المجتمعات والأوطان، وغني عن القول إن صنّاع حالات الاستقطاب التي عصفت بالجنوب العربي منذ الاستقلال عن بريطانيا حتى اليوم، أصبحوا تحت الثرى، أو مشردون في الأصقاع، أضاعوا وطناً وأضاعوا أنفسهم.

في حالة الاستقطاب المميتة يحافظ كل طرف على أدواته وعناصره مهما كانت فاسدة ليستخدمها في مواجهة الطرف الآخر، بل يأمن الفاسدون من كل طرف من العقاب، لأن كل طرف يحمي أدواته، وهكذا تصاب المجتمعات والأوطان بأسوأ ما فيها من كوارث بشرية تؤدي في النهاية إلى ما آلت إليه سابقاتها من حالات الاستقطاب وما آل إليه صنّاعها.

مغادرة ثقافة ونهج الاستقطاب إلى ثقافة ونهج التنافس ونسيان ثقافة الصراع واستحضار ثقافة الشراكة، هي سبيلنا للوصول إلى وطن يتسع لنا، فلا تخلو المجتمعات من العيوب والأخطاء، لكن المجتمعات التي تحظى بقيادات تتعلم من أخطاء من سبقها هي من تنجح في حفر اسمها بأحرف من نور في سفر تاريخ أوطانها، ولنا في مانديلا جنوب أفريقيا وكيجالي رواندا خير مثال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى