يا شهاب يا كذاب تستاهل أكل الذئاب!

> صالح لجوري

> يروى في الحكايات والأساطير المتواترة أنه كان في قديم الزمان رجل ذو شأن يرعى المعز والضأن السمان، ويمتطي البتان في بادية الخرفان، يسمى شهاب، لديه قطيع كثيف من الأغنام في البادية.
وكان المعزوب، أي حضائر الأغنام ومكان المرعى، يبعد عن قريته الأصلية بنحو أربعة كيلو مترات، فوجد نفسه شهاب معزولا عن القرية وأهلها والشلة والأنس.

ويعرف عن شهاب عدم انضباطه في السلوك والمعاملة مع الآخرين، وكثير ما يتصرف تصرفات خاطئة مستفزة، فخطرة في باله فكرة شيطانية كعادته، الهدف منها التسلية والحصول على مزيد من الطعام الجاهز، وفي نفس الوقت، يضحك على أقرانه حسب هواياته من أبناء قريته، بطريقة رأى شهاب أنها طبيعية وناجحة، وربما تنسيه متاعب المرعى، وتجلب له مزيدا من التعاطف من أهل قريته، فبدأ يمارس الكذب والحيل، إذ إنه كان يصعد إلى فوق جبل مطل على القرية، وينادي بأعلى صوته بقوله: «النجدة يا أهل القرية! النجدة يا أهل القرية! النجدة يا أهل القرية! انقذوني أنا وغنمي! لقد هجمت الذئاب علينا! النجدة النجدة يا مسلمين! إلخ من العبارات التي تستعطف الناس لنجدته وغنمه، فكان أهل القرية يصلون مستغربين فيتساءلون أين الذئاب يا شهاب؟!

فيرد عليهم: لقد سمعت أصواتكم قادمين فهربت الذئاب. وهو بذلك يكذب، فيتذمرون من تصرفاته، وهو يحلف الأيمان أن الذئاب هربت، ويلح على أهل القرية بالبقاء معه حتى لا تأكله وأغنامه الذئاب، فكانوا يمكثون أوقاتا طويله دون أي فائدة، وشهاب يعجبه بقائهم ليتسلى معهم، ويمضي بعض الوقت يمازحهم ويأخذ ما بحوزتهم من أمتعة، وفي نفسه يقول: لقد ضحكت على أهل القرية وصدقوا أكاذيبي، واستجدتهم فحضروا لنجدتي من الذئاب، ولا ذئاب!

استمر شهاب يكذب ويكذب المرة تلو الأخرى طوال العام، حتى أن أهل القرية تعبوا وملوا وسئموا من أكاذيبه، ولم يعد أحد يصدقه أو يكترث له. وفي ذات يوم هجمت على أغنامه الذئاب فعلا ، فراح إلى فوق الجبل يستنجد أهل القرية بقوله الذئاب أكلت الغنم النجدة! وهو يبكي ويتوسل إليهم أن يبادروا لإنقاذه وغنمه، لكن دون جدوى. لم يصدقه أحد، ولم ينجده أهل القرية فعاد من فوق الجبل خائبا يعدو لاهثا صوب أغنامه لكي ينقذ ما تبقى منها، لكن كانت الذئاب مفترسة تتوافد بأعداد كبيرة ، فأكلت الأغنام وأكلت شهاب ولم يبقَ في المعزوب (الحضائر) إلا أشلاء متناثرة لشهاب الراعي وأغنامه.

وعند ما دنى اليل من القرية متسللا في أزقتها بسرابيل الدجى، يلتحف زمهرير الشتاء القارص أغلق الناس أبواب منازلهم، ولم يعد أهل القرية يسمعون أصوات استغاثة شهاب المتكررة المخيفة، التي كان يطلقها قبل غروب الشمس تلك الليلة ولم يروا الإضاءة في معزوب شهاب، فتداعى أهل القرية، وتحركوا جميعا حتى وصلوا إلى معزوب وحضائر شهاب، ولكن بعد فوات الأوان، فقد وجدوا أن الذئاب أكلت شهاب وأغنامه فعلا، فقالوا هذا جزاء عملك السيئ وأكاذيبك يا شهاب، فعادوا إلى القرية وهم يرددون بأعلى أصواتهم: «يا شهاب يا كذاب تستاهل أكل الذئاب».

ملاحظة :
(القصة هذه أو الأسطورة القديمة يوجد قصة حديثة مشابه لها من بني البشر. نصيحة لوجه الله أتمنى من كل من لديه عقل وضمير أن يتفقد رعاته وأغنامه قبل فوات الأوان!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى