اليمن على حافة الانهيار الاقتصادي الكامل.. ما بعد التشكيل

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> شهدت المحافظات الجنوبية في اليمن والتي تديرها الحكومة ‏الشرعية حالة من الغضب المقرون بالاحتجاجات بعد أن ‏تدهورت الأوضاع الاقتصادية والعملة المحلية بصورة غير ‏مسبوقة وارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، ما جعل العديد ‏من الدول والمنظمات الدولية تطلق تحذيرات من اقتراب وصول ‏البلاد إلى حافة المجاعة.‏
وخلال الساعات الماضية اتخذت الحكومة اليمنية عددًا من الإجراءات الاقتصادية، من بينها إعادة هيكلة البنك المركزي وطلب الدعم من السعودية.

وكالة سبوتنيك الروسية حاولت تقصي نجاح تلك الإجراءات في إنقاذ الاقتصاد من الانهيار الكامل فإلى التفاصيل:
بداية يقول، شلال العفيف، الباحث اليمني في العلوم المالية والمصرفية، إن "قرار تغيير قيادة البنك المركزي اليمني كان حتميًا وضروريًا، وكان يجب حدوث ذلك منذ فترة سابقة".

وأضاف "شهدت الفترة السابقة اختلالات وأخطاء كبيرة في تنفيذ السياسة النقدية، وكان من أسباب تلك الأخطاء عدم وجود إدارة في البنك المركزي تتمتع بالخبرة والكفاءة، علاوة على الغياب الكلي لمحافظ البنك المركزي، والذي لم يحضر ولو يوم واحد إلى البنك لممارسة مهام عمله".
وتابع العفيف أن "عملية نقص الخبرات شملت أيضًا خبرات أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي، هذه واحدة من أسباب الاختلالات الحاصلة في السلطة النقدية، وما نتج عنها من انهيار متسارع للعملة المحلية أمام العملات الأخرى".
العيون شاخصة نحو القيادة الجديدة للبنك المركزي فهل تنجح في الإصلاح؟
السياسة النقدية
وأكد باحث العلوم المصرفية أن "تغيير قيادة البنك المركزي سوف يكون له تأثير على إصلاح بعض الاختلالات الإدارية في إدارة البنك المركزي نفسه، وكذلك إصلاح الأخطاء السياسية النقدية، لكن كل هذا لا يلعب دورًا كبيرًا في استقرار أسعار صرف العملة، المشكلة ليست في تغيير شخص أو السيطرة على فساده، بل تكمن الأزمة الأساسية في فساد حكومة بأكملها، وعدم قيام وزارة المالية والحكومة بدورها في إصلاح اختلالات السياسة المالية لكي ترافق الإصلاحات في السياسة النقدية، ولن يكون هناك تأثير لتلك التغييرات في الأشخاص ولن تأتي بجديد إن لم يتم إصلاح الحكومة".

وتابع موضحًا أن "السياسة المالية والسياسة النقدية سياستان متلازمتان، ويجب أن تسيرا في اتجاه واحد ويكمل بعضهما الآخر".

وأوضح شلال العفيف أنه "في حال استمرار وزارة المالية والحكومة بنفس السياسة واقتصار الأمر على تغيير الأشخاص دون إصلاح جذري للسياسة المالية وتوريد عائدات موارد البلد النفطية وغير النفطية إلى البنك المركزي، وإعلان حالة التقشف وتقليص النفقات الحكومية غير الضرورية ومحاربة الفساد، إن لم يحدث ذلك، فإن تغيير قيادة البنك المركزي في هذه الحالة لن تستطيع عمل شيء".

الوديعة السعودية
وحول مطالبة الرئيس هادي للحكومة السعودية بدعم اقتصاد بلاده، قال العفيف: "من الضروري في هذا التوقيت دعم البنك المركزي بوديعة إسعافية، لكي يتمكن من وقف التدهور المتسارع في العملة المحلية، لأنه بدون دعم لن يستطيع المحافظ الجديد عمل أي شيء لوقف تدهور العملة، وموضوع الوديعة يعد حلًا مؤقتًا وسريعًا وليس حلًا جذريًا للأزمة، فهي ضرورية لوقف التدهور في العملة بشكل مؤقت، حتى تتمكن الإدارة المعينة حديثًا في البنك المركزي من إجراء الترتيبات الإدارية وإعادة هيكلة الطاقم الإداري في البنك المركزي، وكذلك اتخاذ التدابير والمعالجات ورسم السياسات النقدية السليمة والصحيحة، والتي من شأنها أن تسهم في استقرار سعر الصرف".

انخفاض كبير
من جانبه، قال مصدر في البنك المركزي اليمني بعدن إنه "من الطبيعي لو كان هناك دعم بوديعة سعودية أو خليجية قادمة، تلبية لطلب الرئيس هادي، بكل تأكيد سوف يتغير الوضع بشكل جذري في المحافظات الجنوبية".

وأضاف المصدر في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه "بمجرد الإعلان عن تغيير إدارة البنك وانتشار شائعات عن وجود وديعة سعودية بأرقام مختلفة، هذا الأمر تسبب في انخفاض كبير في قيمة صرف الريال اليمني، حيث بلغ سعر صرف الريال السعودي "300 ريال يمني"، بانخفاض كبير عن سعر الصرف خلال الأيام الماضية والذي وصل إلى 150 ريالًا تقريبًا، فيما بلغ سعر صرف الدولار الواحد 1300 ريال يمني بعدما تخطى الـ1600 خلال الأيام الماضية".

خطوات جادة
وتابع المصدر: "إن لم تكن هناك وديعة سعودية في وقت عاجل سوف يكون هناك انهيار شبه كامل للمنظومة الاقتصادية، أي أنه بدون وديعة وقرارات اقتصادية وإصلاحات للسياسة المالية من قبل الحكومة، أعتقد أن الوضع لن يتحسن وسوف تكون كل الخطوات ترقيعية".

وأشار المصدر إلى أن "هناك إجراءات حكومية بدأ تطبيقها في الوقت الراهن، من بينها قصر عمليات التحويل التي تأتي للمنظمات والعاملين بها والتحويلات الخارجية والاستحقاقات وغيرها عبر البنك المركزي وليس عبر البنوك التجارية التابعة لمركزي صنعاء، حيث تم إبلاغنا اليوم أن كل التحويلات سوف تكون عبر البنك المركزي بالفرع الرئيس في عدن، هذا الأمر جيد وكان يجب حدوثه من وقت طويل، ولو توافرت السياسات الجادة سوف يتغير الوضع إلى الأفضل، لكن الأسرع والأضمن والأفضل أن تكون هناك وديعة سعودية لسرعة السيطرة على الوضع المتردي".

إجراءات صارمة
بدوره، علق فؤاد راشد، رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي على قرار تغيير إدارة البنك المركزي في تغريدات عبر حسابه على "تويتر"، مشيرًا إلى أن "الإصلاحات إن لم تكن شاملة باستراتيجية عمل متكاملة، فهي لا تعدو أن تكون إجراءات تلامس القشور ولا تعالج الإشكال من الجذور".

وأضاف في تغريدة ثانية: "إذا كان تغيير إدارة البنك وربطه بوديعة مالية أيًا كان سقفها، ولم ترافق تلك الوديعة سياسة نقدية وسيطرة على الموارد وتنظيم كل الأوعية النقدية عبر البنك المركزي، وأن يفتح مجال تشغيل الإنتاج للنفط والغاز والموانئ وتنظيم كافة المنح والنفقات الرافدة من التحالف، وتحقيق رقابة صارمة على تداول العملة والسيطرة عليها، ستكون الإجراءات شكلية، بالإضافة إلى أن هذا أيضًا لابد أن يرتبط بتنفيذ اتفاق الرياض حتى يضمن نجاح هذه الإصلاحات بشكل فعلي ومضمون".

وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قد طلب من السعودية دعمًا اقتصاديًا عاجلًا لحكومته لإنقاذ العملة المحلية التي تسجل انهيارًا غير مسبوق، وسط موجة احتجاجات شعبية غاضبة مناوئة للحكومة المعترف بها دوليًا.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية إن هادي سلم السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر رسالة لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.

وفي السياق ذاته، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس الأول الاثنين، مرسومًا قضى بإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، على خلفية التدهور المستمر للريال اليمني أمام العملات الأجنبية.

وذكرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" الحكومية أن الرئيس هادي أصدر قرارًا بشأن إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، ليصبح أحمد بن أحمد غالب المعبقي محافظًا، ومحمد عمر باناجة نائبًا لمحافظ البنك المركزي، وسيف محسن عبود الشريف عضوًا، وهاني محمد حزام وهاب نائب وزير المالية ممثلًا عن وزارة المالية، وجلال إبراهيم فقيرة عضوًا، وعلي محمد الحبشي عضوًا، وخالد إبراهيم زكريا عضوًا.

كما كلف الرئيس اليمني بموجب قرار جمهوري رقم (69) الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بمراجعة وتقييم كافة أعمال البنك المركزي اليمني منذ تاريخ نقله ومباشرة عمله من العاصمة المؤقتة عدن في سبتمبر 2016 وحتى نهاية عام 2021.
وانعكس التدهور الحاد في سعر صرف العملة المحلية بعدن على أسعار المواد الأساسية، إذ رفعت جمعية المخابز والأفران في المدينة سعر قرص الروتي إلى 75 ريالًا بدلًا عن 50 ريالًا، في حين أغلقت شركات الصرافة أبوابها تنديدًا باستمرار التدهور.

وفي 30 سبتمبر الماضي، أعربت الأمم المتحدة، عن قلقها من تأثير تدهور الريال اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا جنوب اليمن، في مفاقمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن.
ومنذ يوليو الماضي، يشهد الريال اليمني في مدينة عدن تدهورًا حادًا في سعر صرفه أمام العملات الأجنبية، بلغ ذروته في نوفمبر الماضي، مسجلًا 1500 ريال مقابل الدولار الأمريكي الواحد.

وفي يناير 2018، أعلنت السعودية إيداع ملياري دولار أمريكي في البنك المركزي اليمني بعدن لدعم العملة اليمنية، بعد أن تجاوز الدولار 500 ريال يمني.
وقبل اندلاع الصراع في اليمن عام 2014، كان سعر الصرف يبلغ 220 ريالًا مقابل الدولار الأمريكي الواحد.
ويشهد اليمن منذ نحو 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله"، وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليًا مدعومًا بتحالف عسكري عربي، تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة، بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى