رسالة إلى 2021

> ارحل من أجل السلام يا عامنا الحاضر، اذهب بلا وداع، اذهب فليس في قلوبنا غير رغبة "فراقك"، فقد آذيتنا كأشد ما يكون الأذى حتى أشفق علينا القريب والغريب.

كنّا نحلم بالسلام في رحابِك، ذهبنا نتحسس بَرْد أمانِك، فأعرضت وولّيت، فوقعت أصابعنا على النار، فاحترقت كما يحترق الوطن.

كم دموع في ساحِكَ ذُرِفَت، كم أنّات صَدَرَت، كم صيحات عَلَت، كم بُحّت حناجر وما أسخْتَ لنا سمعاً ولا ألنْت لنا جانباً.

يا عام 21 ما سمعنا في عقودٍ مضت أن أطفال ماتوا من البرد، وأطفال أُغمي عليهم في المدارس من الجوع، إلاّ حين سرنا خلالك ووقفنا في ظلالك.

ارحل 21 عسى المواطن ينسى أيامك النّحِسات وهو يخرج من العشيّة يصرخ "أنا جاوع".

لقد سلّمت رقابنا لطغيان الدولار وفجور التُّجار، وأخرجت أشخاصاً حبسوا أنفسهم من ذُلّ السؤال أزمان، وأُسر متعففة ما غادرت عتبات بيوتها، فكشفت عنها ستر الحال، وسُقْتَ فقراء كانوا راضين بعيشة الكفاف إلى أبواب الموسرين والوقوف في الطرقات والجلوس عند أبواب المساجد.

اذهب يا "عام الرمادة"، وسنة الفقر والفاقة، وزمن البؤس والكآبة، وأيام الغلاء "الغلّابة".

ارحل 21 فقد كانت أيامك قصة حزينة لمأساة وطن يحترب أهله منذ سبع سنوات، شبع التراب من دمهم وما شبع تُجّار الحروب من قتلهم.

لقد بلغ الصراع خلالك ذروته، حتى غطّى على أيامك ولياليك، فادلهمّت من فوقنا السماء واسودّ من أمامنا وجه النار.

ليس عليها ذنب تلك الأيام من عمرك إنما هو ذنب الرافضين للسلام.

ذنب الذين عجزوا عن لملمة الصف ووقف الرصاص وإسكات البارود، فليس يُلام الزمن إنما يُلام أهله.

ارحل 21 وليتهيأ الجميع الآن للقبول بالسلام في 22 المقبل من أجل الوطن لا من أجل الأشخاص، فقد أزفت الآزفة، وصار التراب بلون الدم والتصقت الأشلاء بالصخور حتى صار في كل بيت نائحة وسكب المقهورين أنهار من الدموع، وطاول بالشعب الوجع، وبلغت القلوب الحناجر.

وعساه 22 لشعب الجنوب طريق الخلاص من الرباط غير المقدّس، والسياحة في ملكوت الأرض الطيبة التي وهبت لنا دولة وجعلت لنا في العالمين صولة وجولة.

لقد أخذنا الدرس ووعيناه جيداً، حتى شكونا ألم الفراق لدولة النظام والقانون التي عَهِدْنا، كأشد ما شكى ذلك الأندلسي الملتاع لملاعب الطفولة ومراتع الصبا في ديار أندلسه التي فارق حين قال:

شكا ألم الفِراقِ النّاس قبلي

ورُوِّع بالجوى حيٌّ ومَيْتُ

وأمّا مِثْلَما ضمّت ضلوعي

فإنّي ما سَمعتُ أو رأيتُ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى