​من وحي هبة حضرموت

> مما نراه ونسمعه ونقرأه، ونلاحظه فيما حولنا من مجريات الأمور، في البلد، سواء على الأصعدة السياسية والحراك المجتمعي في أكثر من محافظة وكذا على صعيد المجال العسكري، من ذلك كله، نلمس ونستشعر (وللدقة أقول أستشعر) وجود تغيّرات نوعية في مجريات الأمور التالية:
الأمر الأول: ازدياد الغضب الشعبي المتمثل في ارتفاع مستوى الغليان الشعبي وتجاوزه فعل الأطر السياسية المعارضة الموجودة، نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية، نتيجة انهيار قيمة العملة المحلية، إضافة إلى غياب شبه كامل لدور الدولة في إدارة شؤون المجتمع ووصول الفساد إلى درجة وصلت بالشعب إلى مرحلة الولوج في المواجهة المباشرة مع الفاسدين في السلطة دفاعاً عن حق الناس في الحياة ولو بالحد الأدنى نوعيا.

الأمر الثاني: إن الشعب قد وصل إلى حالة من اليأس في تقدم العملية السياسية، نتيجة للانسداد في مجريات العمل السياسي وتحديداً في فشل تنفيذ اتفاق الرياض الذي أصبح مطية للحكومة ومن ركب معها، لاستنزاف الوقت على حساب سوء معيشة الشعب من جهة، وامتلاء بطون الفاسدين من عمليات النهب لثروات البلاد من الجهة الأخرى، وتمثل الهبة الحضرمية الثانية الجارية حالياً مصداقية ما قلناه.

الأمر الثالث: يتعلق بدول التحالف (وربما معها الدول الكبرى الموكل إليها إدارة الملف اليمني)، التي أعتقد أنها أدركت عدم صوابية جُلّ سياساتها على الصعيدين السياسي والعسكري خلال السنوات الماضية في البلاد، وظهور ملامح لتوجهات سياسية وعسكرية جديدة لإيجاد الحلول للقضية اليمنية، وفي إدراكها المتأخر، لحقيقة تجاهلتها أو جهلتها بشأن موقفها من القضية الجنوبية وحق الجنوبيين في استعادة دولتهم هو مفتاح جميع الحلول لمشاكل البلد.

الأمر الرابع: بغض النظر عن طبيعة العلاقة بين الانتقالي وبين القوى الشعبية التي تعلن استقلاليتها عن أي جهة سياسية أو مكونات سياسية أخرى، وبغض النظر عن الاستفادة السياسية للمجلس الانتقالي مما يحدث حالياً في حضرموت، إلاّ أن ابتعاد الانتقالي عن مبدأ النضال الشعبي وعدم الاستفادة من التردي الاقتصادي والمعيشي والخدمي للشعب، وحصر ذاته في إطار العميلة السياسية التي ولدت مشوهة أو ميتة، ثم اشتراكه في الحكومة العاجزة، كل ذلك يثبت ارتكاب الانتقالي لأخطاء سياسية أكبرها عدم الاستفادة من تاريخ الحراك الشعبي الذي وُلِد هو أصلاً من رحمه، وليس أقلها اشتراكه في معاناة الناس وهو المسؤول الأول عن حياتهم، دعونا من النغمة النشاز التي نسمعها منه في خطابه السياسي من أنه ليس بديلا للحكومة التي هو أصلا شريكا فيها. فهذه النغمة لا تعفيه من المسؤولية وهو الذي يعلن عن نفسه القائد والحامل السياسي للقضية الجنوبية، هذه النغمة بقدر سذاجتها فهي لا تعفيه من المسؤولية أمام الشعب الجنوبي وأمام العالم.
أخيرا.. يُقال إن الحقائق الكبيرة إن لم تستطع قولها بأبسط الكلمات فهذا دليل على أنك لم تستوعبها بعد.

إنني أنصح القيادة الانتقالية بكل قوامها بالاستماع إلى كلمة الشيخ (الذي اعتبره قائد فعلا) حسن الجابري رئيس اللجنة التنفيذية للهبة الحضرمية التي ألقاها يوم أمس (السبت 25 ديسمبر) في المؤتمر الصحفي، وعلى المسؤولين الإعلاميين للانتقالي أن يتعلموا منه كيف تكون المطالبة بحقوق الشعب.
فلتتسع صدورهم وليتعلموا من الحياة فالحياة مدرسة كبيرة وكلنا فيها تلاميذ نتعلم في كل يوم والكمال لله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى