عشره أيام هزت شبوة.. تحررت الأرض ولكن؟

> دخلت قوات العمالقة الجنوبية معركة تحرير مديريات بيحان من الحركة بعد مسير قطعته من مشارف الحديدة إلى مديرية عسيلان، وحسب المعايير العسكرية المتبعة، تعتبر أكبر مناورة قتالية تقوم بها هذه القوات في تاريخ الحروب، وبالذات في هذه المنطقة، وهي أشبه بالمناورة القتالية التي قام بها خالد بن الوليد عندما انتقل بقواته من العراق إلى فلسطين في غضون أيام محددة؛ ليدخل معركة اليرموك. إن ذلك يعتبر فخرا لقوات العمالقة الجنوبية، وأصبح ذلك الحدث أحد أبرز إنجازاتها العملاقة، التي لا ينافسها عليها أحد، وفي نفس الوقت كان لدور التخطيط والإعداد والإسناد الرائع الذي قام به التحالف، أثر بالغ في نجاح تلك المناورة القتالية الناجحة.

أثبتت المناورة القتالية لقوات العمالقة الجنوبية أن التخطيط السليم والمؤازرة الكاملة من أبناء شبوة ووقوف السلطة المحلية الجديدة بجانبها، واحتضان أبناء شبوة لها ومشاركتهم في العمليات القتالية وإدارة العمليات، والإسناد الجوي واللوجستي من قبل التحالف، وقدرة القوات الاحترافية في شؤون القتال، شكلت كلها مجتمعة عوامل النصر السريع الذي حققته قوات العمالقة الجنوبية في غضون عشرة أيّام فقط.

لا شك أن خبرات قتالية تراكمت لدى هذه القوات خلال حرب السنوات السبع في الساحل الغربي، مكنتها من تحمل أعباء المناورة القتالية البعيدة المدى، وأن تدخل المعركة من الحركة، وتحقق انتصارات سريعة ومتلاحقة في بيئة صديقة وحاضنة شعبية مساندة أمام عدو متحصن، فتمت هزيمته وفر هاربًا.

كل هذا عظيم ويشكرون عليه، بل كان أروع عمل عسكري قامت به قوات العمالقة الجنوبية، وأروع تخطيط وإعداد ودعم وإسناد عسكري، قامت به مجموعة إدارة العمليات التابعة للتحالف، لكن ماذا بعد هذه الانتصارات التي تحققت وتحرير الأرض؟ هل سيتم إرسال قوات العمالقة إلى مناطق ليس لها حاضنة شعبية ولا تتوفر فيها ظروف وبيئة مناسبة؟ ألم يكن من الأفضل أن يحافظ التحالف على هذه القوة التي حققت النصر بدل من أن يرسلها نحو المجهول؟ ألم يكن من الأفضل إذا أراد التحالف النجاح تكرار تجربة شبوة الناجحة بأن يتم أولا تغيير واستبعاد تلك القيادات العسكرية والمدنية الفاشلة في المناطق المستهدفة، وحشد قوات من أبناءها، وهي موجودة بعشرات الألوية في أبين وشبوة والوادي والصحراء والمهرة؟

أما قوات العمالقة الجنوبية فليدعها التحالف تكمل مهمتها في الحفاظ على النصر الذي تحقق في محافظة شبوة. ومن الأولويات في رأيي الآن تأمين خلفيتها من أي قوى إرهابية كانت تسرح وتمرح في شبوة، ولا زالت، وقد تعرض قوات العمالقة إلى أعمال إرهابية مضادة من الخلف، وهذا مطلب أساسي قبل أن يطلب منها المشاركة والدعم لقوات شمالية تكون قد بدأت قتال الحوثي، ومن غير المقبول أن توجد ألوية شمالية تحرس شركات وحقول النفط، بينما أبناء شبوة لا يحق لهم حراسة ثرواتهم النفطية.

والسؤال لماذا تصر الشرعية على جلب قوات من خارج المحافظة للسيطرة على منابع النفط؟ هل هناك أسرار خاصة لا تريد الشرعية أن يطلع عليها أبناء المحافظة؟ ولهذا فالنصر الذي تحقق لن يكتمل إلا بتحرير الثروة في شبوة وإعادتها إلى أهلها الأصليين.
بالتأكيد هذه الهواجس موجوده لدى الجميع، وكل من هو حريص على تامين هذا الانتصار العظيم الذي أعاد الاعتبار لأبناء شبوة الذين من حقهم إدارة محافظتهم وثرواتهم دون تدخل من أحد، ولكي يعم الأمن والاستقرار والتنمية ربوع شبوة الباسلة

ما تردد بأن قوات المنطقة العسكرية الأولى لا تتبع التحالف، وهذا أتى على لسان الناطق الرسمي للتحالف أثار كثيرا من الأسئلة، منها هل حضرموت والمهرة، حيث تتمركز فيها هذه القوات، خارج إطار الحرب وتتبع جهات أخرى؟ أي إنها كأرض خارج إطار التفويض في إدارة الحرب عند انطلاق عاصفة الحزم؟ لكن من يقوم بالصرف على هذه القوات ومن يقدم لها الدعم اللوجستي طوال هذه الفترة؟ وكيف تم استضافة مجلس النواب في سيئون وإرسال بطاريات باتريوت من التحالف لحماية هذا الحدث الهام؟ هل كان عبر تفاهمات دبلوماسية مع الجهة المسؤولة عن تلك المنطقة أم أن مثل هذا التصريح بمنزلة رفع غطاء الحماية عنها من التحالف، وستعتبر قوات محتلة على أرض حضرموت والمهرة في نظر أبناء هذه المحافظات ولا دخل للتحالف بها وبحمايتها؟ إن قرر أصحاب الأرض التعامل معها وفقا لقانون الاحتلال باعتبارها قوات أجنبية لا شان للتحالف بها.

إطلاق عملية تحرير اليمن السعيد دون توفير الشروط لإنجاحها تعتبر مجرد تصريح صحفي وليد اللحظة، جاء تحت تأثير نشوة النصر السريع الذي حققته قوات العمالقة الجنوبية في شبوة، ومن يريد لمثل هذه العملية النجاح فعليه توفير شروط مشابهة لما جرى في شبوة، ولكان للأمر مصداقية لو شاهدنا بقية الجبهات في مختلف المناطق قد دخلت المعركة بالتزامن مع بدء عمليات العمالقة هجومهم على مديرية عسيلان، وإن تم فسيربك الحوثي ويشتت قواته، لكن لم نرَ أي تحرك عسكري في الجبهات، بل تم تجميد أقرب جبهة وهي مأرب.

لذلك فالإعلان الذي صدر عن تركي المالكي، الناطق الرسمي للتحالف، لم يحظَ بمصداقية على الأرض، ومع ذلك لا زال هناك متسع من الوقت أمام التحالف لتنفيذ أنموذج محافظة شبوة، لكن أن يتم على عجل بدفع قوات للقتال في منطقة ليس لديها حاضنة شعبية وعدم وجود قيادات وقوات عسكرية صديقة لها، ولا وجود لقيادات سياسية مساندة لها على الأرض سيكون من المستحيل تحقيق أي نجاحات بل ستتعرض تلك القوات لأخطار كبيرة، ومن يقاتل في أرض غيره دون قبول من أهل الأرض يعتبر غازيا فالأرض تقاتل مع أهلها.

ما جرى في شبوة خلال العشرة الأيام لتحريرها يفترض أن يكون درسا يمكن البناء عليه في مناطق أخرى، ويعتبر أنموذجا يقرب النصر، أو على الأقل تعديل ميزان القوى على الأرض لصالح التحالف، وتحجيم الحوثي وإرغامه على القبول بالحل السياسي، وهذه هي أقصر الطرق لإنهاء الحرب إن توفرت الإرادة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى