عدوان الحوثي وسياسة إدارة بايدن

> نجاة السعيد

> ​أي محلل لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، منذ تسلمها السلطة يتوقع أن اعتداء مثل عدوان الحوثي على الإمارات سيحدث، وبالطبع يتوقع ازدياد العدوان على السعودية، لأن أول ما قامت به هذه الإدارة كان إعطاء إشارات خطيرة لا تفهم من قبل الأنظمة المؤدلجة والميليشيات المسلحة التابعة لها إلا أنها إشارات لإطلاق يديها حرة في المنطقة بدون رادع.   

فأول ما قامت به هذه الإدارة هو رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب وهو القرار الذي رحب به الحوثيون بالتأكيد، وفي المقابل أعلنت الإدارة عن إنهاء الدعم الأميركي للعمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن وتجميد مبيعات الأسلحة لها وتعليق بيع F-35 إلى الإمارات التي وافق عليها الرئيس السابق دونالد ترامب.

إضافة إلى ذلك، من الخطوات الأولى التي قامت بها الإدارة الهرولة السريعة لاستئناف المفاوضات مع إيران بخصوص الاتفاق النووي في نفس الوقت الذي تجمد به بيع أسلحة لحلفاء أميركا.  

فكل هذه القرارات كانت مؤشرات خطيرة تفهم من قبل الخصوم أن الولايات المتحدة تبيع حلفاءها بسهولة وتكافئ خصومها، وكذلك توضح مدى الانشقاق في السياسة الخارجية الأميركية بين الحزبين.

فأول ما قامت به إدارة بايدن هو إلغاء كل ما قامت به إدارة ترامب، وبالتالي هذا الانقسام الحزبي الكبير من شأنه أن يستغل من الخصوم ويشدد من مواقفهم وعدائهم.  

وبالفعل هذا ما شاهدناه من زيادة اعتداءات الحوثي وكذلك من تعنت الطرف الإيراني في المفاوضات وهو الذي أدى إلى انتخاب تيار متشدد متمثل بشخص إبراهيم رئيسي، الذي كان عضوا في "لجنة الموت" عام 1988 وكان له دورا بارزا في قرارات إعدام نحو 30 ألف شخص من السجناء السياسيين في أخطر انتهاك لحقوق الإنسان.

ونتيجة لذلك، فإن سياسة الدبلوماسية القصوى، أو بالأصح سياسة الاسترضاء، التي تمارس الآن في عهد جو بايدن على الأنظمة المؤدلجة والميليشيات التابعة لها لم تقدم أي حلول، بل زاد العنف والاضطراب في المنطقة.

إن إدانة الولايات المتحدة لهجمات الحوثيين على الإمارات أمر جيد لكنه لا يكفي، فلولا سياسة الاسترضاء التي مارستها إدارة بايدن تجاه الحوثيين وممولهم النظام الإيراني لما حدثت هذه الاعتداءات ولفكروا كثيرا قبل الإقدام على أي فعل عدواني، ولما خرج المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، بكل وقاحة من طهران ليبارك العدوان مع التزام إيران الصمت رسمياً وكأنها راضية عما حدث فعلياً.

إن ردة فعل إيران تثبت أن السياسة الدبلوماسية لا تنفع مع نظام مؤدلج، فبالرغم من زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد، إلى طهران وسعي الإمارات للانتقال إلى علاقات إيجابية إلا أن إيران سمحت للحوثيين باستهداف الإمارات، لأن العدوان وسيلة النظام الإيراني المؤدلج في إدارة علاقاته الخارجية خاصة مع دول الخليج، فالكويت مثلاً لم تسلم من تدخلات إيران وميليشيا حزب الله اللبناني، رغم علاقتها الجيدة بإيران.   

فلو استمرت سياسة الضغوط القصوى الأميركية على إيران والميليشيات التابعة لها، لما احتاجت أميركا مساعدة الإمارات في إسقاط الصاروخين الباليستيين اللذين استهدفا البلاد وتدمير منصة لإطلاق الصواريخ الباليستية في اليمن.

لذلك فلو كانت إدارة بايدن جدية فعلاً في إدانة العدوان الحوثي على الإمارات، عليها أن تقوم بتنفيذ الخطوات التي أكد عليها يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة، وهي وقف التدفقات المالية والأسلحة من داعمي الحوثيين (النظام الإيراني) وإعادة إدارة بايدن الحوثيين إلى القائمة الأميركية للجماعات الإرهابية الأجنبية. 

فعلى الإدارة الأمريكية الحالية أن تتوقع كلما زاد نجاح الاستراتيجية الإماراتية في اليمن بدحر الحوثيين من خلال دعم ألوية العمالقة العسكرية الجنوبية، من المرجح أن يزداد عدوان الحوثيين على الإمارات.

فما قام به الحوثيون من عدوان ضد الإمارات بسبب حاجتهم للتغطية على هزائمهم في شبوة ليتم تضخيمها واستغلالها إعلامياً لبث الثقة والحماس بين قواتهم. فهل ستكتفي هذه الإدارة بالتنديد أو المساعدة بصد صاروخين؟

لذلك تتجه الأنظار الآن نحو واشنطن لترقب ما إذا كانت ستعلن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، فهل ستقدم إدارة بايدن على هذه الخطوة أم أنها تخشى أن يؤثر ذلك على المفاوضات مع إيران؟ هنا سيتضح ما إذا كانت هذه الإدارة على قدر المسؤولية باتخاذ القرارات الحازمة في شأن الأمن الدولي أم ستكتفي بالتصريحات والإدانات والاستمرار بسياسة الدبلوماسية القصوى والاسترضاء التي أثبتت فشلها مع الأنظمة المؤدلجة والميليشيات التابعة لها. 

"الحُرة"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى