ما أسهل لوم الآخرين

> قبل ثلاثين عاما مددت الولايات المتحدة رجليها ولم تبال بالنتائج المترتبة على مد الأرجل الحديدية التي سحقت شعوب ودمرت دول بحجج واهية والأهداف خبيثة.

بعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت بمنتصف العام 1945م خسر العالم ستين مليون إنسان ناهيك عن الخراب والدمار في البنى التحتية، وكان نصيب الروس من القتلى فقط عشرين مليونًا أي ثلث عدد الضحايا لتلك الحرب النازية والفاشية، عدد مهول ولا شك ولقد نتج عن تلك الحرب نشوء حلفين عسكريين متضادين وهما حلف شمال الأطلسي (الناتو) وحلف وارسو.

وتمخضت كذلك الحرب عن منظومتين دوليتين وهما منظومة الرأسمالية وتدور في فلكها إلى جانب الولايات الأمريكية دول أوروبا الغربية، كما أن المنظومة الاشتراكية يقودها الاتحاد السوفييتي المكون من خمسة عشر دولة إلى جانب دول أوروبا الشرقية مثل بولندا والمجر والتشيك وبلغاريا ورومانيا، ومن ثم تشكلت كتلة جديدة بين الكتلتين وذلك في مؤتمر باندونج عام 1955م وسميت بدول عدم الانحياز يقودها

جمال عبدالناصر ونهرو وتيتو رئيس يوغسلافيا، وتبعت الكتلة الثالثة عشرات الدول التي استقلت من الاستعمار نهاية الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، ثم ما لبثت الكتلتين الرأسمالية والشيوعية أن تآمرت على كتلة عدم الانحياز وتم تدمير تلك الكتلة ولم تتنبه الكتلة الشيوعية أن بتماهيها مع مسلسل تدمير كتلة عدم الانحياز سيأتي حينها وإن تأخر على طريقة أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

وبالعودة إلى البدء، فإن أمريكا تبلطجت لأكثر من ثلاثين عاما ولم تلتزم بمرجعيات الأمم المتحدة وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا شواهد حية لهذه الساعة.

أمريكا والغرب يتحجج ضد روسيا التي تدخلت بدافع الحفاظ على أمنها القومي ولا تزال حادث الصواريخ الكوبية والتركية ماثلة لنا في عام 1962م حيث انتهت بسحب كلا البلدين صواريخها الهجومية من كلا البلدين كوبا وتركيا.

اليوم الغرب يتجاهل مطالب موسكو وهو من يتحمل كل ما حصل حيث ظل يتوسع بحلف الناتو على خلاف العدل السياسي والقانوني الذي يقتضي نهاية الحلف (الناتو) مقابل تفكك ونهاية حلف وارسو، لكن اللؤم الغربي الانجلوسكسوني لم يدر بخلده إنه لا يستطيع أن يضغط وروسيا تتراجع وتخضع إلى مالا نهاية.

اليوم نحن على أعتاب تحديد وتشكيل مناطق نفوذ ونظام عالمي جديد في أوروبا والشرق الأوسط وشرق آسيا كذلك ولقد اختيرت أوكرانيا لتكون ساحة الحرب الأوروبية الأمريكية مع روسيا الاتحادية بغرض استنزافها ودق اسفين في علاقاتهما التاريخية المشتركة، ومن هذه الساحة الأوكرانية ستطول الحرب أكثر مما خطط لها، لكن بالنهاية سيتشكل عالم متعدد الأقطاب وإن من خلال حرب شاملة.

أمريكا والغرب يكثر من اللوم لروسيا ويتناسى ما فعله أثناء استعماره للأمريكيتين ولأستراليا وأفريقيا وشرق آسيا والشرق الأوسط، وما فعلته أمريكا ومعها بعض الدول الغربية بأفغانستان والعراق وسوريا.

حقيقة أن اللوم للآخرين سهل لديهم ولكن لا يرون أفعالهم وجرائمهم السابقة ولا اللاحقة في الربع القرن الحالي.

من كل ما حصل ويحصل لدينا سؤال وهو أين الكتلة العربية من كل ما حصل سابقا، وما سيحصل حاليا ولاحقاً بعد حرب أوكرانيا؟

أما من ناحية اللوم يخطر على بالي مثل أبيني (حسن يلوم الجماعة أما حسن ليش يلتام).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى