"انتصار" على الإعاقة... أول كفيفة يمنية تقتحم فضاء الأعمال

> «الأيام» إشراق العطاب:

> بمجرد الدخول لجامعة المستقبل في العاصمة صنعاء، يشد الداخل رؤية فتاة جميلة تجلس على مكتبها بابتسامة هادئة، وهي تنصت للصوت الصاعد من جهازها المحمول الذي يخبرها بالخطوات التي تجريها، على شكل أوامر صوتية، كونها كفيفة.

انتصار حمود العريق، من مواليد محافظة صنعاء، حاصلة على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وتعمل على تحضير رسالة الماجستير، عملت معيدة لسنتين في جامعة خاصة لعدة مواد محاسبية، كما عملت كإدارية، وتشغل حاليًّا منصب مساعد أمين كلية العلوم الإدارية والمالية وسكرتيرة عميد الكلية.

على الرغم من صغر سن انتصار، إلا أنها تصعد سلم التفوق والعمل والنجاح بهمة عالية تناطح السحاب. انتصار أول كفيفة تدخل تخصص إدارة الأعمال، وأول كفيفة تقتحم مجال الأنظمة المحاسبية، وأول كفيفة تعمل في الجانب الإداري خارج حدود ما رُسم لذوي الإعاقة.

تحديات البداية

تقول انتصار: "لم يكن الأمر سهلًا؛ واجهتُ الكثير من الصعوبات أثناء دراستي، إذ لم يتجاوب أساتذة المواد مع طلبي في إعطائي المحاضرات أو المواد بطريقة إلكترونية، لذلك كنت أضطرّ لتسجيل المحاضرات كاملة، ثم تفريغها في المنزل بطريقتي، حتى يتسنى لي المذاكرة منها. تطلّب مني هذا جهدًا إضافيًّا، لكنها كانت الطريقة الوحيدة".

ثمرة النجاح

تخرجت انتصار بتقدير ممتاز، وكان تكريم جامعتها لها بأن خيّرتها بين منحها وظيفة لديهم لتصبح معيدة أو أن تكمل رسالة الماجستير على نفقة الجامعة، فاختارت انتصار استكمال دراسة الماجستير بهمة ونشاط وعمل دؤوب، وها هي الآن، وبمساعدة كبيرة من أسرتها، تناقش خطة رسالة الماجستير التي اختارت أن تحمل عنوان (الدعم اللوجستي للمنظمات الأممية في اليمن، ودوره في إنجاح المشاريع التنموية في المناطق الريفية).

في سياق متصل، يقول عميد الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة المستقبل، الدكتور إسماعيل الشرعبي: "تفاجأنا في البداية، بطلب انتصار الدراسة في مجال إدارة الأعمال وهي كفيفة، لقد كان إعطاؤها الموافقة للدراسة في هذا التخصص تحديدًا، شبهَ مستحيل، لكنها أصرت على أن نعطيها الفرصة، ولنا الخيار بعد ذلك، وهو ما أثبتته بالفعل". ويستطرد الشرعبي قائلًا: "كانت انتصار استثنائية، وما قامت به أشبه بمعجزة، تمتعت بذكاء ملحوظ. فتاة مجتهدة وطموحة للغاية، وهو ما أهّلها للحصول على المركز الأول على مستوى تخصصها".

ويضيف: "حاليًّا قدمت عنوان رسالتها للماجستير، والتي اختارت عنوانها الخاص بالبحث عن الدعم اللوجستي للأرياف، حيث لم تكتفِ بحدود ما حولها، بل فكرت بحلول مميزة لمن يعانون في الأرياف".

مساندة الأهل

أثبتت انتصار أنها فتاة تتحدى الصعاب، لكن وقوف والدها الذي كان يرافقها أينما ذهبت، ويقرأ لها المراجع، كأنه يحضّر رسالة الماجستير معها - العامل الأبرز في نجاحها ومحافظتها على هذا النجاح.

تتحدث انتصار عن دور أسرتها بحب وامتنان كبير، وتشير إلى دور أخيها الصغير (نصر) الذي لم يتجاوز عمره 15 سنة، إذ يأتي كل يوم بعد المدرسة، لاصطحابها معه إلى البيت، ذهابًا وإيابًا.

انتصار العريق، واحدة من أروع النماذج الملهِمة والقوية، فهي وأسرتها لم يجعلوا الإعاقة حاجزًا أمام تحقيق ما أرادوا، وبهمّتها استطاعت أن تجعل الجميع ينحنون احترامًا وتقديرًا لها.

تنهي انتصار حديثها قائلة: "ما وصلت إليه هو البداية، على الرغم من الصعوبات التي أواجهها، إلا أن كل عقبة هي بمثابة حافزٍ ووقودٍ للاستمرار في تحقيق ما أصبو إليه؛ فلا تحكموا عليَّ أو على أيٍّ من ذوي الإعاقة قبل أن تروا إنجازاته وتعرفوا من هو!".

*"خيوط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى