​النفاق الدولي - فيفا أنموذجا

> بدر بالعبيد

>
بدر بالعبيد
بدر بالعبيد
* في السابع من يناير لعام 2020 كتبت مقالاً لحساب صحيفة أنحاء السعودية بعنوان "الفيفا وازدواجية المعايير" استهليته بأن للنفاق الدولي وازدواجية المعايير تاريخ طويل مع المنظمات الكبيرة التي تدعي الوقوف بمسافة واحدة من الجميع ، وتتبنى رؤى تحث على العدل والمساواة بين الشعوب والأمم ، ومن تلك المنظمات الاتحاد الدولي لكرة القدم، واللجنة الأولمبية الدولية، عطفاً على ممارسات عملية وتناقضات عجيبة غبية ولذا سنأخذ مقتطفات من المقال لكونه أثبت من خلاله ما ذهبنا إليه فعلياً وما نبهنا منه عملياً.

* بعد مقتل الأمريكي جورج فلويد شاع استخدام مصطلح النشاط الادائي (Performative Activism) مصطلح يشير إلى استغلال قضية ما من خلال تناولها سطحيا لا لأجل وضع الحلول ولكن لزيادة رأس المال الاجتماعي (الشهرة وتحقيق المصالح الخاصة ، ومهاجمة الخصم من خلالها وبإسمها) ، في إشارة إلى ظاهرة تبني هذه القضية من قبل مؤسسات أو أشخاص فيما كان موقفهم من هذه القضايا في السابق ، إما مناهضا أو حياديا ، ولكن فجأة أصبح لهم موقف والسبب تلك الظاهرة كما أسلفنا، قررالاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بعد حادثة فلويد قراراً نص على حث الاتحادات المحلية بالتعامل مع جميع اللاعبين ممن يتضامنون مع قضية جورج فلويد بروح القانون ، وأن الفيفا يقف بجانبهم كونهم يرفعون شعارات إنسانية لا علاقة لها بالسياسة ، بل هي شعارات ترفض العنصرية المقيتة ، وتدعو إلى التعايش والتعامل مع الآخر كإنسان بعيدا عن كل المعتقدات مهما كانت أنواعها واعتباراتها، القرار صدر عقب أن رفع لاعبو الدوري الألماني شعارات تضامناً مع فلويد.
 * تساءلت كيف للاتحاد الدولي الحديث بهذه اللغة ، وأنا قد سبق وأن رأيت ويمكن رأيتم أنتم كذلك صورة تداولها نشطاء تويتر لطفل فلسطيني ، يمارس عليه نفس الحركة التي مورست تجاه فلويد ، وتذكرت تضامن النجم المالي فرديريك كانوتي لاعب إشبيلية حين عبر عنه في احتفالية بأحد أهدافه عندما أظهر عبارة جهزها تحت قميصه مفادها: "تعاطفاً مع غزة" كردة فعل لتلك الحادثة وصنّفها "الفيفا" حينها بأنها مخالفة واضحة للقانون الدولي وتتعارض مع التزام "الفيفا" المعلن بحقوق الإنسان وتعهداته بشأن المسؤولية الاجتماعية!!! وعوقب اللاعب من قبل الاتحاد المحلي بمبلغ ثلاثة الآف يورو.

* تعجبت لأن هناك تناقضات وقرارات متباينة تجاه حوادث ، بالمقابل فعلى سبيل المثال حادثة شهدت الملاعب الإنجليزية أزمة سياسية كبيرة جراءها عام 2011 ، ودخل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في خلاف عميق مع الاتحاد الدولي "الفيفا"، بسبب ارتداء مدربي البريميرليج "زهرة الخشخاش" الحمراء لإحياء ذكرى ضحايا الحرب العالمية، وهو ما رفضه"الفيفا" ، إلا أن الاتحاد الإنجليزي تمسك بالأمر ، ووصل الأمر إلى حد تدخل ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، الذي أكد أن هذا الأمر داخلي ، ويمثل جزءاً من ثقافة الشعب البريطاني، وهو ما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا) لإغلاق الملف بشكل نهائي.

* وعلى مستوى الأولمبياد أحداث كثيرة أبرزها حادثة الثنائي الأميركي "تومى سميث وجون كارلوس" ، لاعبا منتخب أمريكا لألعاب القوى خلال الألعاب الأولمبية بالمكسيك عام 1968 بعدما رفض الثنائي الأسمر تحية العلم الأميركي ، ورفع شارة "القوة السوداء" ، التي كانت تندد بالعنصرية في أمريكا ، فسلطت عليهما عقوبات رادعة، وسحبت الميداليتين الأولمبيتين منهما.

* أحداث حرب روسيا وأوكرانيا 2022 بدت سوءاتهما وأقصد الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة الأولمبية الدولية وطفقا يخصفان للعالم من المبررات المعلبة والجاهزة ولكن هذه المرة حججهم منتهية الصلاحية ، والأمور باتت واضحة عيانا للعالم ، وما إصدارهم للعقوبات على الرياضيين الروس والبيلاروس سوى سقطة مدوية للأقنعة الغربية التي تقف خلف كل قرارات تلك المنظمات الدولية للأسف ، التي تغنت عقودا من الزمان بشعارات فضفاضة ، وأدعت قيما ومبادئ وهمية ، سرعان ما عرتها الأحداث الغربية الغربية تحديداً ، وكشفت ما كنّا نقوله ونتوقعه تجاه تلك المنظمات وقراراتها المخطوفة ، وما دعم وزارة العدل الأمريكية للفيفا ب201 مليون دولارعقب ثبوت التهم المنسوبة لعدد تجاوز 14 شخصاً ، من منسوبي الفيفا من مسؤولين رفيعي المستوى ، إلا بمثابة وضع رقبة هذه المنظمة ، تحت المقصلة الأمريكية ، لتمرر كل القرارات حسب ما تهواه وزارة العدل الأمريكية ، بالتالي قراراتهم تُجاه الرياضيين الروس أتت على طريقة مُكرهاً أخاك لا بطل ، نعود ونسأل الفيفا وتلك المنظمات أين أنتم من التزامكم المعلن بحقوق الإنسان وتعهداتكم بشأن المسؤولية الاجتماعية وعدالتها؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى