نبيلة حمود.. نكهة رمضان

> أفتقدها هذه الأيام مثلما أفتقد كل الأشياء الجميلة التي اختفت من حياتنا فجأة دون سابق مقدمات.

لها ضحكة مثل بياض الآيسكريم ولكنها في دفء قلبها الأبيض من لبن الحليب.

مرة أو مرتان لا أتذكر، حملت لها ورودا بيضاء، كانت تحب الورود وعندما قلت لها يا ست الكل ألا تريحي قلبك المجهد قليلا؟

أجابت - وأظن وقتها كانت تستعد لتسجيل حلقة إذاعية من برنامج (مع المستمعين) بمعية رفيق دربها المبدع محمد منصر أطال الله في عمره:

شوف يا ابني لا يهم أنني أصبحت من ذوي القلوب العليلة، لست مستعدة لأن يتحول قلبي إلى قطعة ثلج لا ينفعل ولا يغضب ولا ينافش، وإذا كان مقدرا لي الموت، فأحب أن أموت على الأثير مع المستمعين، الموت من دفأ الناس أفضل من الموت بقلب بارد ومعزول.

كان الأثير حياتها ورحلتها الطويلة نحو قلوب الناس، ارتبطت بحبل سري مع المستمعين، وفي سبيلهم قدمت كوكتيل متنوع من البرامج والمسلسلات الهادفة.

أذكر ذلك اليوم جيدا:
كنت أستعد لتسجيل فقرة رياضية لبرنامج مجلة الشباب والرياضة الذي يقدمه القيدوم محمد يسلم البرعي، فجأة لمحتها إلى جواري حيتني ثم قالت لي بابتسامة مشرقة تملأ وجهها القمحي:

حافظ على هدوئك ولك أن تعلم أن الأثير ناس من لحم ودم يعشقون بالأذن قبل العين أحيانا.

أظن أن هذه المذيعة الراحلة صوت قادم من السماء، خامة صوتية تسكن حنجرتها دروب الجبال، وطبقة من أوتار تبني وتشيد الكثير من مقامات الفعل ورد الفعل.

عاشت حياة إعلامية صاخبة ومتقلبة لكنها كانت دائما صوت الحق وبشرى رمضان وأهزوجة العيد.

كما لو أنها جاءت من كوكب آخر تحملنا داخلها بكل همومنا ولا تتألم أو تتوجع، لم تهمس لأحدنا بآهة وجع، كانت تتألم لكنها أبدا لا تبوح بآلامها، كان ميكروفون إذاعة عدن صديقها وقت الضيق.

هي دائما تذاكر مواضيعها جيدا، كانت تؤمن أن الحدث يكمن في التفاصيل الصغيرة، تحب التفاصيل جدا، تكره الغياب والغيبوبة التي تعزلها عن الناس، عاشت وكأنها مستودع أسرار محبيها ومستمعيها.

تذكرتها هذه الأيام لأنني أتوق إلى صوتها وهي تتحفنا بين الحين والآخر بالخارطة البرمجية لشهر رمضان عبر أثير إذاعة عدن، كانت نكهة رمضان وعطره الفواح.

رحلت (أم كلثوم) إذاعة عدن المبدعة والبارعة (ست الكل) نبيلة حمود ومعها توفيت إذاعة عدن سريريا ولم يعد الأثير يحمل صوتها إلى آذان وقلوب محبيها ومستمعيها.

رحم الله الأستاذة نبيلة حمود بقدر ما قدمت من عطاء، وبقدر السعادة التي نثرها صوتها عبر الأثير لأكثر من 35 عاما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى