بين الرياض ومسقط تحدث المفاجئة

> أعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي عن عزمها بدء مشاورات في الرياض لأطراف الصراع في اليمن وحددت التواريخ كلها ووضعت الجميع كش ملك، أما الحضور أو التغيب فستتم المشاورات بمن حضر.

في البداية أعلن الحوثي عن مشاركته، لكن لديه تحفظ على المكان باعتبار السعودية حسب قوله طرفًا في النزاع وكعادته في اليوم التالي قام بتوجيه ضربات صاروخية وطيران مسير بكثافة نحو منشآت نفطية في المملكة وحسب المراقبين بأن تلك الحملة تخدم بالدرجة الرئيسية طهران في مفاوضاتها على الملف النووي في فيينا وهي تريد أن تزيد الوضع العالمي للطاقة أكثر سوءًا للضغط على أمريكا خاصة وقد رفضت المملكة زيادة الإنتاج وأعلنت التزامها بما قررته منظمة أوبك بلس كما وأن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والموقف الأوروبي والأمريكي منها خاصة وأوروبا تتزود بالطاقة من روسيا ومحاولة أمريكا فرض عقوبات على روسيا، ومن ضمن ذلك قطاع الطاقة لإرغامها عن التراجع عن غزو أوكرانيا.

أثبتت الوقائع أن الحوثي يشكل خطرًا على أمن المملكة ودول المنطقة كونه أصبح ذراع طهران المطيع والمنفذ لأجنداتها، وعلى الرغم من ذلك استمرت المفاوضات التي كانت في مسقط بين الحوثي والسعودية وأطراف منها الأمم المتحدة ودول أخرى برعاية عمانية، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار لدواعٍ إنسانية وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وتمت الصفقة التي كان ينتظرها الحوثي بفارغ الصبر على أكمل وجه دون أن تتأثر بما قام به من تدمير جزئي أو كلي لبعض المنشآت النفطية المستهدفة على الأراضي السعودية.

وفي المشهد الآخر حشدت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي عددا كبيرا من المشاركين في مشاورات الرياض وأغلبهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وهذا حسب الدعوات التي أرسلت إليهم بشكل شخصي وإضافة إلى وجود بعض المكونات السياسية وبعض الشخصيات السياسية وافتتح اللقاء بتعميد المرجعيات الثلاث كمظلة لتلك المشاورات، بينما تلك المرجعيات قد أسقطها الانقلاب في صنعاء وأكملت ما تبقى بالحرب طوال الثمان السنوات الأخيرة وآخرها الاتفاق على وقف إطلاق النار والهدنة وكسر الحصار من خلال فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وهذا اعتراف بالحوثي كأمر واقع يحكم أغلبية جغرافية الجمهورية العربية اليمنية.

بعد تلك القرارات الأخيرة التي أعلنها المبعوث الدولي عن الهدنة لمدة شهرين وكذا تسيير قوافل الإغاثة وفتح الأجواء البحرية والجوية والبرية للانقلابيين عن ماذا سيكون التشاور بالرياض خاصة والطرف الأخر بصنعاء ينعم بالأمن والاستقرار والأجواء مفتوحة برا وبحرًا وجوًا، وهذا يعتبر إسقاطا نهائيا لتلك المرجعيات التي ما زال البعض متمسكًا بها حتى اليوم.

إعلان المبعوث الدولي هذه القرارات تعتبر انعطافا كبيرا في مجرى الأعمال القتالية، وتطورا إيجابيا في سبيل تطبيع الأوضاع في اليمن وإنهاء الحرب، ويتطلب مواكبة لذلك أن تنعكس تلك القرارات على الجزء المحرر في المحافظات الجنوبية لإزالة الحصار المحكم عليها براً وبحرًا وجوًا، وإضافة إلى ذلك تشغيل الخدمات الضرورية للمواطنين على الفور وصرف مرتبات الموظفين كاملة دون نقصان وتشغيل مصفاة عدن وبناء ما دمرته الحرب في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى، وهذه الإجراءات يجب أن تتخذ سريعًا، وأن تقوم الأمم المتحدة بالتأكد من تنفذها على الفور وإن لم تتم فسنعتبر أن الأمم المتحدة ورعاة اتفاق مسقط مشاركون في الحصار على الجنوب، وأن هناك تمييزا فاضحا في عمل الأمم المتحدة والدول الأخرى لصالح الشمال ضد الجنوب.

بعد الانفراجة التي حدثت عن محادثات مسقط يتطلب تغيير مجرى المشاورات التي تجري بالرياض نحو مواكبة هذا التطور الإيجابي في إنهاء الحرب بأن تعيد النظر في المرجعيات وطريقة المشاورات بتغيير المسارات مع تغيير المشاركين بممثلين فاعلين يستطيعون أن يكونوا ملزمين بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه كما جرى لمحادثات مسقط ومن غير المعقول أن تلزم ناشطين سياسيين لا يملكون غير التعبير عن نشاطهم في مجموعات التواصل الاجتماعي بأعمال على الأرض لتغيير الواقع، ومن غير الممكن أن تلزم قراراتهم منهم على الأرض، فمن المنطقي أن تصرف الجهود والإمكانية لجمع الفرقاء الذين لهم وجود فعلي على الأرض لتقارب الحلول الوسطى لإنهاء كارثة الحرب والانقلاب وحل كل القضايا التي هي أساس وجذر الأزمة التي أدت إلى الانقلاب والحرب وغير ذلك لا يعدو كونه ضياعًا للوقت وهدر الإمكانيات وإطالة معاناة الناس وزيادة تمكين المتدخلين الإقليميين والدوليين لزيادة إشعال الحرائق، وسيكون المتضرر الأكبر شعبًا الجنوب والشمال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى