وصايا رسول الله في شهر رمضان

> صلة الرحم
تُعدّ صِلة الأرحام من أعظم الطاعات التي يتقرّب بها العباد من ربّهم، وهي من أحبّ الأعمال إلى الله بعد الإيمان به، بينما تُعدّ قطيعتها من أقبح الذنوب وأعظمها، وتتجلّى أهميّة صِلة الأرحام في أَمْر الله بها، قال الله -تعالى-: ((وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا))، وصِلة الأرحام من أسباب تحقيق وزيادة المحبّة والأُلفة بين الأهل والأقارب، وسببٌ لدفع الخِزي عن العبد، واستحقاقه الجنّة، ونجاته من العقوبة، وهي وصيّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ قال: "يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ".
 كما أنّ صِلة الرَّحِم صفةٌ من صفات عباد الله المؤمنين بالله واليوم الآخر، وتتأكّد صِلة الأرحام في شهر رمضان؛ إذ أنّه شهر التراحم والخير، فلا بدّ للمسلم من المُسارعة في أداء الأعمال الصالحة؛ تحصيلًا للأجر، وابتغاء مرضاة الله، وتتحقّق تلك الصِلة؛ بتفقُّد الأرحام وزيارتهم، والتصدُّق على الفقير منهم، وإصلاح ذات البَيْن، والرحمة بصغيرهم، وتوقير كبيرهم؛ ذلك أنّ الصدقة على الأرحام من الأمور التي خصّها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالذِّكر، فقال: "إنَّ الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ، وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ"، وبذلك ينال المسلم رضا الله -سبحانه-، والأجر العظيم منه.

كفالة اليتيم
حثّت الشريعة الإسلاميّة على كفالة اليتيم؛ باعتبارها من أفضل أعمال البِرّ، وممّا يدلّ على أهميّتها وفَضْلها من كتاب الله قوله -تعالى-: ((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ))،  ومن السنّة النبويّة ما أخرجه البخاريّ عن سهل بن سعد الساعديّ -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى"؛ فقد جعل الله -تعالى- منزلة كافل اليتيم في الجنّة إلى جانب رسول الله؛ لِما قدّمه كافل اليتيم من الرعاية، والنفقة، والإحسان لمَن كان محتاجًا إلى ذلك؛ فكان بمثابة المُرشد لِمَن لا يعقل، أو لا يُحسن التدبير، وتتحقّق كفالة اليتيم بطريقتَين:
*الأولى: ضمّ اليتيم إلى الكافل؛ يعيش مع عياله، ويُنفق عليه من ماله، ويؤدّبه، ويرعاه حتى يبلغ الحُلم، وذلك من أعلى درجات كفالة اليتيم، وأعظمها، وهي الطريقة التي سادت في عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، والثانية: كفالة اليتيم؛ بالإنفاق عليه، أو المشاركة في كفالته دون ضمّه إلى بيت الكافل.

*الثانية: أقلّ درجةً من الأولى. الدعاء للمسلمين تتأكّد أهميّة الدعاء في شهر رمضان؛ لأنّه شهر الرحمة والمغفرة، وقد حثّ الله عباده على الدعاء بعد أن أمرهم بالصيام؛ لتتأكّد الرابطة بين الصيام والدعاء؛ فالله قريبٌ من العبد العابد له، والمطيع لأمره، ويستجيب دعاءه، قال الله -تعالى-: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))،  ويجدر بالمسلم أن يحبّ الخير لأخيه المسلم كما يُحبّه لنفسه؛ فيدعو الله له بأن يُفرّج همّه، ويزيل كربه، ويوفّقه في أمره، ويُعينه على الخير، ويدعو له بعد مماته كما دعا له في حياته؛ بأن يرحمه الله، ويغفر له.

كما يجدر بالمسلم أن يدعو لإخوانه المسلمين بجوامع الدعاء التي تشتمل على الخير كلّه، وبأن يدفع عنهم الكرب والشرور، ويشفي سقيمهم، ويُطعم جائعهم، ويُبعدهم عن المعاصي والمنكرات، ويوفّقهم إلى طاعة الله، والتزام أوامره، وغير ذلك من الأدعية الشاملة؛ فالمسلمون كالجسد الواحد في تعاملهم مع بعضهم البعض، ومن الجدير بالذكر أنّ دعاء المسلم لأخيه المسلم قد لا يُستجاب في الحال؛ فقد يدّخر الله أجر دعاء المسلم لنفسه أو لأخيه إلى يوم القيامة، وقد يدفع عنه سوءًا وشرًّا بمِثْل ما دعا به، ويكفي المسلم أن ينال فضيلة دعاء الملائكة له كلّما دعا لأخيه؛ فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "مَن دَعَا لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ، وَلَكَ بمِثْلٍ".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى