​وقـفـات تـأملية..

> الطُّحَالُ

ما هو الطُّحالُ؟ هذا الجهازُ العجيبُ، هذا العضوُ الخطيرُ الذي لو كُفَّ عن عملِه، أو زادَ نشاطُه لانتهتْ حياةُ الإنسانِ.

الطحالُ جهازٌ، أو عضوٌ، أو غدةٌ، سَمِّهَا ما شئتَ، لا يزيدُ وزنُه على مئتي غرامٍ، لونُه أحمرُ قانٍ، تصلُه بالدمِ أوعيةٌ دمويةٌ كبيرةٌ، وشريانٌ، ووريدٌ طحاليٌّ، في داخلِه حجبٌ، مقسَّمٌ إلى مساكنَ، وتحيطُ به عضلاتٌ، تتقلَّصُ فتفرغُ ما فيه من الدمِ الاحتياطيِّ.

يُولِّدُ هذا الجهازُ كميةً كبيرةً منَ الكرياتِ البيضِ، التي هي جيشُ الدفاعِ في الجسمِ، وما مرضُ الإيدزِ الذي أقلقَ العالمَ إلا تدميرٌ لهذا الجيشِ، فتضعفُ معه مناعةُ الجسمِ، عندها يستطيعُ أنْ يغلبَه أصغرُ جرثومٍ.

هذا الطحال، إضافةً إلى الكبد، هو الذي يولِّد الكرياتِ البيضَاء في الحياة الجنينية، هذه الكرياتُ التي هي بحقٍّ الجيشُ الذي يدافعُ عن سلامةِ الجسمِ.

وهذا الطحالُ مقبرةٌ للكرياتِ الحمراءِ الميِّتة، التي تصل إليه، فيُفرزُ عليها مادةً تحلِّلُ هذه الكرياتِ إلى مكوِّناتِها؛ فيتحرّرُ الحديدُ، فيؤخذُ إلى معاملِ كرياتِ الدمِ في نقيِ العظامِ، ويتحرّرُ الهيموجلوبين، فيذهبُ إلى الكبدِ ليصنعَ الصفراءَ، إذاً الطحالُ مقبرةٌ تتحلَّلُ فيه كرياتُ الدمِ الحمراءُ إلى مكوِّناتِها الأساسيةِ، ليُعادُ تصنيعُها من جديدٍ، ويعادُ تصنيعُ الحديدِ إلى كرياتِ دمٍ جديدةٍ، ويعادُ تصنيعُ الهيموجلوبين إلى مادةِ الصفراءِ، التي تسهمُ في هضمِ الطعامِ.

أليس هذا تخطيطاً اقتصاديّاً؟ أليس هذا توجيهاً ربّانيًّا، إلاَّ أنّ الهدرَ، وإتلافَ الموادِ شيءٌ يتنافَى مع الكمالِ البشريِّ؟

وشيءٌ ثالثٌ، إن الطحالَ جهازٌ لصنع كرياتِ الدمِ الحمراءِ، ولكنّه معملٌ احتياطيٌّ، فإذا تعطَّلتِ المعاملُ في نقيِّ العظامِ، فإنّ هذا المعملَ يعملُ لتصنيعِ كرياتِ الدمِ الحمراءِ، حفاظاً على حياةِ الإنسانِ.

هذا الطحالُ قد تشتريه شطيرةً عند بائعِ الشطائرِ، ولا تدري أنّ هذا الذي تأكلُه عالمٌ قائمٌ بذاتِه، قال عليه الصلاة والسلام:  "أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ؛ فَأمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالحُوتُ وَالْجَرَادُ، وأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ".

أَلا يَقُودك هَذا إلى التَّأَمُّلِ في مَخلُوقَاتِ الخَلَّاقِ العَلِيم.؟!

قال تعالى: ((وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)) [الذاريات: 21] .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى