​كلمات في رمضان

> الشفاعة والوساطة

لم يمنع الإسلام الوساطة أو الشفاعة في غير الحدود لأجل الخير، دون مساس بمصالح الآخرين، ولا تجوز الرشوة أو الهدية من أجل ذلك، لا قبل إنجاز المطلوب ولا بعده، لأن فعل الخير يجب أن يكون مجردًا عن المنافع والمآرب المادية، وأن يكون بقصد إرضاء الله تعالى، وتيسير الوصول إلى الحاجات المشروعة للإخوة.

وهذا التوجه: هو ما عبَّر عنه القرآن الكريم في قول الله تعالى: ﴿مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا﴾ [النساء 4/85]. وهذا إشارة إلى لطف الله تعالى بعباده.

والشفاعة: هي طلب التجاوز عن الذنب، والوساطة: المسعى الحميد لتحقيق غرض لآخر. فإذا كانت الوساطة لخير، كانت مشروعة وتشملها الشفاعة الحسنة، وإذا كانت الوساطة لشر، كانت ممنوعة أو محظورة شرعًا، وتدخل تحت اسم: الشفاعة السيئة.

وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة الحسنة، ورد في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة، أقبل على جلسائه فقال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب» وفي رواية: «ما شاء». أفاد هذا الحديث الترغيب في الشفاعة الحسنة لقضاء الحاجات، وأن فيها أجرًا، سواء تحقق المراد أم لا، ولا شفاعة في الحدود (العقوبات المقدرة) كحد السرقة والحرابة والزنا والقذف وشرب الخمر إذا بلغ أمرها أو خبرها إلى القاضي؛ لأن القاضي ملزم بشرع الله ودينه.

ومن وقائع الشفاعة الحسنة: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في بَريرة مولاة عائشة أم المؤمنين مع زوجها مغيث الذي كان عبدًا، أعتقتها عائشة، فخيَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختارت نفسها، أي عدم البقاء مع زوجها في العبودية. روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة بَريرة وزوجِها، قال: قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«لو راجعتيه؟ قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال:"إنما أشفع، قالت: لا حاجة لي فيه». وهذا من بريرة استعمال شرعي لحقها في خيار فسخ الزواج، إذا تحررت أو أُعتقت، وبقي زوجها عبدًا، وهذا مثل خيار البلوغ، إذا تزوجت البنت في حال الصغر، كان لها حق خيار فسخ الزواج بعد البلوغ، في رأي جمهور العلماء.

واستثني القصاص (حكم الإعدام على القتل العمد) من الحدود، فالشفاعة في إسقاطه إلى الدية غير محرمة، لأن الشرع رغب فيه بالعفو والإسقاط، فقال تعالى: ﴿وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [البقرة 2/237].

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى