​جينات ريال مدريد

> * في لحظة ما .. وأنا أشاهد مباراة الإياب بين ريال مدريد ومانشستر سيتي ، وتحديدا بعد تسجيل هدف كريم بنزيمة الثالث من ركلة جزاء لا غبار عليها سألت نفسي : لماذا يحدث هذا فقط مع ريال مدريد وليس مع مانشستر سيتي أو برشلونة أو بايرن ميونيخ ، أو حتى ليفربول؟

* لماذا ريال مدريد بالذات هو الذي يوقف عجلة الزمن وينسف نظرية النسبية في الفيزياء ، و يحولها إلى ورقة يبلها ويشرب ماءها؟ .. ما هو السبب الخفي الذي يجعل ريال مدريد يعتنق (الريمونتادا) ليس مرة ، ولا مرتين ، ولا حتى ثلاث ، يعود في جزء من الثانية ثم يفوز بالقاضية في وقت يظن خصومه أنه توفي إكلينيكياً؟ .. هل هو فريق محظوظ من البلعوم حتى الحلقوم؟ .. هل الحظ يتلبسه من قمة رأسه حتى أخمص قدميه؟

 * لا أحد يجادل في حقيقة ، أن الحظ موجود في كرة القدم ، لكنه لا يأتي إلا للمجتهدين والمثابرين ، ومن يمتلكون ثقافة (الجرينتا) ، و لا يأتي أبداً للمتقاعسين و المحبطين والكسالى الذين ينامون على نمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة.

* إنه أمر لا يصدق ، بالنسبة للذين يجهلون هوية ريال مدريد ، جلس كل عرافي أوروبا ، والخوف بأعينهم ، يتأملون فنجان الريال المقلوب ، لكنهم  لم يقرأوا فنجاناً يشبه فنجانه.

* هناك من أراح رأسه من صداع التفكير وعناء التخمين فنسب الأمر كله للسحر الأسود ، وهناك من اتهم كارلو أنشيلوتي) بأنه كاهن ونفاث في العقد يجيد ربط الطلاسم ، وهناك من عزا الأمر برمته لكرامات و بركات كريم بنزيمة.

* نتفق أولاً على أن نسخة ريال مدريد الحالية أقل قوة، و ربما أقل إبهاراً وجاذبية وجودة فنية من النسخ الـ 13 التي فازت بدوري الأبطال .. ونتفق أيضاً على أن الريال الحالي عانى كثيراً ، وهو يلعب تحت الضغط ، وفي كل مباراة كان يحتاج إلى استلهام معجزة أسطورية من تاريخه لينجو من فخ الإقصاء .. حدث هذا أمام باريس سان جيرمان ، ثم تشيلسي ، و أخيراً مانشستر سيتي ، فهل يمكن أن تأتي المعجزة ثلاث مرات ، دون عرق وجهد وكفاح و الإيمان بأنك تلعب لفريق ريال مدريد؟

* بالطبع هذا غباء ، لأن ريال مدريد طابعه خاص جداً ، و عندما يبرز من بين الرماد ، في كل مرة كطائر العنقاء ، فلأن فانلته الملكية البيضاء ، روح وانتماء ، وولع وشخصية ، وعنفوان وانضباط نفسي ، في غرف الملابس ، والانضباط النفسي عند ريال مدريد أهم من كل الأسماء بغض النظر عن جودتها من عدمها .. هل هذا يعني أن سر ريال مدريد الباتع يكمن في التاريخ الذي اختار ريال مدريد سكناً ومأوى له؟

* نعم هذا ما أعنيه بالضبط فالتاريخ يمنحك الحصانة وروح التحدي ويحقنك بمصل العقلية ، عقلية أن تؤمن بالانتصار حتى في أوج ضعفك ، والعقلية تضخ في دورتك الدموية طاقة خارقة وهائلة تدفعك دوماً لتحلق في السماء ، مع روح الفريق الملكي عبر كل الحقب.

* لا تعذبوا أنفسكم في تصنيفه ، فريال مدريد خارج الوصف والمواصفات، و أكبر من مجرد ملك ، وأكبر من بطل ، وأكبر من كل الألقاب، إنه يا سادة أقرب إلى تسونامي ، يكتسح وينتزع الألقاب تلو الأخرى ويترك بقية الفرق تتعذب بعطشها كرمال الصحراء.

* أبداً والله المسألة ليست في كلاسيكية تكتيك المدرب (كارلو أنشيلوتي) فأخطاء هذا الإيطالي مثل زبد البحر ، ولا في عبقرية ونجاعة رئيس الحكومة كريم بنزيمة رغم أرقامه المهولة ، لكنها مسألة (جينات بطل) لا تجدها إلا في الريال ، جينات يهبها الريال ، لمن يلعب له ، سواء كان لاعباً كبيراً ، أو لاعباً مغموراً ، الأمر في كلتا الحالتين سيان ، فلماذا التعجب والاندهاش من (ريمونتادا) ريال مدريد؟

  * أليس الريال أساساً هو الحمض النووي لدوري أبطال أوروبا؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى