اعتدنا الكتابة أو الحديث عن الأشخاص أو بعض الأشياء التي تبرز في حياتنا بشكل دائم في المناسبات التي ترتبط بهؤلاء الأشخاص أو تلك الأشياء، مثل مناسبات ميلاد الشخص أو ذكرى وفاته، أو ذكرى التأسيس مثل الصحف أو دور النشر، إلا أن الحديث عن صحيفة الأيام لا يرتبط عادة بتلك المناسبات أو ذكرى التأسيس، إنما الحديث عن صحيفة الأيام، حديث دائم لا ينقطع، وبصورة يومية، لأن الأيام ليست صحيفة عادية نتحدث عنها في مناسبة تأسيسها أو في ذكرى مولد مؤسسها، رحمه الله، فـ "الأيام" مدرسة صحفية تتلمذ في صفوفها، وعلى يد مؤسسها الكثير من الأقلام التي أصبحت تحتل مكانة مرموقة بين كتاب الصحافة في الوقت الحاضر، منهم من قد توفاه الله.

إن الكتابة عن هذه المدرسة الصحفية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ليست بالأمر السهل أو الهين، لأننا لا نكتب عن دور نشر صغيرة أو صحيفة عادية، إنما الكتابة عن المدارس الصحفية تتطلب الكثير من المهارات المهنية، فضلاً عن اللغة الفصيحة، والمعلومات الواسعة التي يجب أن يملكها من يكتب عن هذه المدرسة العريقة في مجال الصحافة.

إن صحيفة "الأيام" خلال فترة منذ تأسيسها حتى الآن، رغم عدم احتساب أكثر من عقدين من الزمن توقفت فيها عن الصدور قسراً، استطاعت أن تتميز عن جميع الصحف التي صدرت في فترة التسعينيات أو ما قبلها، رغم الإمكانات المادية التي تملكها تلك الصحف ولا تملكها "الأيام"، وعلى الرغم من ذلك، فإن الأيام تمتلك أدوات مهارية مهنية في مجال الصحافة منذ تأسيسها على يد الراحل الأستاذ محمد علي باشراحيل رحمه الله، هذه الأدوات تعد أركانا أساسية يجب أن تتوافر في أي صحيفة، أو أي عمل صحفي يراد منه أن يكون عملا راقياً وناجحا، ومن هذه الأدوات الحدس الصحفي والذكاء المميز الذي كان يتميز به مؤسسها، ومن كان معه في تلك الفترة، أو من خلفهم من الأبناء والأحفاد، فضلاً عن طبيعة الأخبار والمواضيع التي تحتويها أعمدة الصحيفة. فتلك الادوات نراها كثيراً في الصحف ذات الشهرة العالمية والواسعة الإنتشار، مثل صحيفة الاوبزرفر والديلي ميل في بريطانيا، والواشنطن بوست والنيويوركر في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها. فمن يتصفح صحيفة الأيام، وهو على إطلاع على تلك الصحف العالمية، فلن يجد إلا صورة مصغرة من تلك الصحف تجسدها صحيفة الأيام، رغم شحة الإمكانيات، والظروف التي تمر بها البلاد، فضلاً عن الظروف التي مرت بها الصحيفة في فترة من فترات بداية الألفية الثالثة، من إجراءات تعسفية تعرضت لها، وصلت حد الإغلاق، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على النهج الصحيح الذي انتهجته ومازالت تنتهجه هذه الصحيفة العريقة.

إن الحديث عن "الأيام" بوصفها مدرسة صحفية، لا يمكن أن يكون بهذه الكلمات القليلة التي لا تفيها حقها في الوصف، إلا أن تجربة صحيفة الأيام، منذ تأسيسها عام 1958م، تكفي للحديث عن نفسها، وتعرض الدروس المجانية لكل من أراد تعلم مهنة الصحافة، والغوص في أعماقها، فهي بحق مدرسة إذا أعددتها أعددت صحافة طيبة الأعراق.