مظفر النواب شاعر القصيدة المهربة يرحل بعيدا عن العراق

> بغداد «الأيام» العرب:

> نعت وزارة الثقافة العراقية والمؤسسات السياسية والثقافية في البلاد الشاعر العراقي مظفر النواب الذي توفي يوم أمس الأول الجمعة في أحد المستشفيات في دولة الإمارات عن عمر ناهز 88 عاما.

وفارق الشاعر الحياة في مستشفى الشارقة التعليمي بالإمارات، وقالت الوزارة في بيان إنها تعتزم إعادة طبع كتبه ودواوينه "لتشكل منهلا للقراء والمهتمّين".

وكتب الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة على تويتر:

ولد النواب في يناير 1934 بالعاصمة بغداد ودرس في كلية الآداب التي تخرج فيها عام 1956 قبل أن يتم تعيينه مفتشا فنيا بوزارة التربية. انتمى في شبابه إلى الحزب الشيوعي العراقي وناضل في صفوفه إلى أن دخل السجن في نهاية عام 1963 حيث كتب قصيدته الشهيرة "البراءة" التي تعد واحدة من أهم ما كتب.

حُكم على النوّاب حينها بالإعدام، لكن حكمه خُفف إلى السجن مدى الحياة، حيث انتهى به المطاف بسجن في الحلة وسط العراق. وقد فرّ حينها من السجن، لكنه اعتُقل ثانية بعد ذلك بسنوات، وبعد أن هرب من السجن مع زملاء له وصدور عفو عام عن المعارضين السياسيين في 1969 غادر العراق وتنقل بين عدد من العواصم العربية منها بيروت ودمشق وعمّان.

اهتم الشاعر كثيرا بالقضية الفلسطينية وكتب عنها العشرات من القصائد منها "القدس عروس عروبتكم" التي هاجم فيها القادة العرب بقسوة وبسببها منعته معظم الدول العربية من دخول أراضيها فكان يلقب بـ"شاعر القصيدة المهربة".

وفي عام 1976 أثارت قصيدة "تل الزعتر" عن أحداث مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان موجة غضب جديدة ضد الشاعر العراقي مما اضطره للترحال من جديد وانتقل إلى ليبيا.

دأب الشاعر في معظم قصائده على انتقاد قمم جامعة الدول العربية، فكان يكتب قصيدة عقب كل قمة يهاجم فيها المواقف السياسية لقادة المنطقة ومن هذه القصائد "دوامة النورس الحزين" و "القمة الثانية" و "تكاثرت القمم".

من قصائده أيضا "بنفسج الضباب" و "في الحانة القديمة" و "قراءة في دفتر المطر" و "يا حزن" و "عائلة القطط" و "يا جهيمان". ورغم تأثره بالأوضاع السياسية التي عاصرها وكتب عنها جاءت قصائده الأخرى في الحب والغزل عذبة ورقيقة.

ورغم أنّه أمضى سنوات عمره في غالبيتها خارج بغداد والعراق، إلا أن النوّاب بقي حاضرا في وجدان العراقيين، كما شكّل رمزاً للشعر العربي الحديث، والشعر الشعبي العراقي، لا فقط من حيث أنه عرف بمناهضته للأنظمة العربية، وانتقاداته اللاذعة للحكّام التي لم يتوانَ عن التعبير عنها من خلال قصائده، بل كذلك لأسلوبه الشعري الذي يتوخى الصدق والجرأة وسلاسة التعبير الذي ينهل من الواقع ومن الموروث الشعبي والثقافي العربي الذي يكيفه وفق ما تقتضيه اللحظة.

حمل شعره أسلوباً خاصا ومميزا وُصف بالقساوة أحيانا، لأن النواب لم يتردد في استخدام الشتائم في قصائده. وصدرت أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله في العام 1996 عن دار قنبر في لندن، حيث صدرت أبرز دواوينه في الشعر الشعبي "الريل وحمد"، في حين كان آخر بيت شعري له على فراش المرض “متعبُ مني ولا أقوى على حملي".

أما العودة الأولى للشاعر الذي كان منفياً في ظلّ نظام صدام حسين إلى العراق فكانت في العام 2011، تزامناً مع الانسحاب الأميركي من البلاد إثر الغزو في العام 2003، فهو كان يرفض العودة إلى بلده في ظلّ "الاحتلال" لكنه عاد ليغادره لكن بسبب حالته الصحية هذه المرة.

واستعاد عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من قصائد النواب التي كان لها تأثير كبير في الشعر العربي والشعر الشعبي العراقي، معربين عن حزنهم لفقده. وكتب الروائي العراقي سنان أنطون في تغريدة:

وعلى الرغم من أنّه من جيل سابق، لكن قصائد النواب تم تداولها بشكل كبير خلال الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة التي هزّت العراق في أكتوبر 2019، وتناقلها الشباب تعبيراً عن رفضهم للواقع السياسي وأملهم في التغيير.

وكتب الصحافي العراقي سيف صلاح الهيتي في تغريدة على تويتر "لقد مات غريبا منفيا ناقما كعادة كل مبدعي هذا البلد"، فيما غرّد الصحافي العراقي عمر الجنابي كاتبا "لماذا مات مظفر النواب في الإمارات؟ لأنكم منذ 19 سنة تحكمون العراق" و "لأن البلد لا يصلح للعيش تحت حكمكم وحكم ميليشياتكم وعمائمكم".

مظفر نواب الذي أثار الجدل في حياته بقصائده الجريئة سيظل رمزا للمقاومة الشعرية لارتهان الإنسان وإذلاله ولصوت الأوطان الباحثة عن ضوء الحرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى