حرب الاستنزاف

> أُخذ مصطلح (استنزاف) من نزيف دم الإنسان إما أن يتم توقيف النزيف أو أن يموت، فسرعة موته تعتمد على مدى جرحه وسرعت نزيفه أو توقفه.

فمصطلح (حرب الاستنزاف) لم يكن معروفا قبل الحرب العالمية الثانية فكانت الحرب تعني إما النصر أو الهزيمة ولا تقوم إلا للنصر، فلهذا عندما طالت الحرب العالمية الثانية بسبب استخدام اليابانيون طياري (الكاميكازي) وهم طيارون انتحاريون تنتهي حياتهم وطائراتهم فوق أرض (العدو) لم يكن أمام الولايات المتحدة الأمريكية سوى استخدام قنبلة هورشيما ونجازاكي لحسم الحرب وانتصار التحالف.

ليس لحرب الاستنزاف وجود في ذلك الوقت وإطالة الحرب قد تعني تحول النصر إلى هزيمة.

كانت استراتيجية الحرب في العصور القديمة حتى الحرب العالمية الثانية هي النصر والنصر السريع بغض النظر عن أدوات النصر ووحشية الحرب، فإطالة الحرب ومراعاة الجوانب الإنسانية (الكاذبة) خطورتها أكبر ونتائجها مدمرة على المجتمع والدولة تماما، كما حدث في اليمن عندما قام تكتل الأمم المتحدة بوقف التحالف من تحرير مدينة الحديدة بالتذرع بأسباب إنسانية وإطالة مدى الحرب ونرى نتائجها اليوم، وتم استخدم هذا المصطلح من قبل الرئيس عبد الناصر بعد نكسة 67 بما يعرف بحرب الاستنزاف ضد الكيان الإسرائيلي.

اتخذت (حرب الاستنزاف) أشكالا عديدة، فبعد انتصار الحلفاء على دول المحور وظهور قوتين عظيمتين هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبدأت الحرب الباردة بينهما وهي شكل من أشكال (حرب الاستنزاف) حتى الثمانينيات وبدأ مشروع حرب النجوم للرئيس الأمريكي ريجان وتم استنزاف الاتحاد السوفييتي اقتصاديا، وتفكك اتحاده وبقي الاتحاد الروسي.

بعد أن انتصرت ثورة الخميني في إيران قامت الحرب الإيرانية العراقية وكان العراق في ذلك الوقت يريدها حربا خاطفة لاستعادة شط العرب من إيران بعد أن استغلت إيران ضعف العراق ما قبل صدام وأخذته باتفاقيات ظالمة وتحولت الحرب إلى حرب (حرب استنزاف).

ابتدعت أيران شكلا جديدا من (حرب الاستنزاف) فخلقت كيانات مؤيدة لها في لبنان والعراق وسوريا واليمن هدفها الأساسي هو استنزاف القوة الاقتصادية لدول الخليج وخلق حالة من عدم الاستقرار في تلك الدول، ومن ثم السيطرة عليها، إلا أن تلك الكيانات بدلا من أن تستنزف دول الخليج استنزفت دول تلك الكيانات وشعوبها فأصبحت شعوب تلك الدول أكثر فقرا، وتوقفت عجلة التنمية فيها، ففي دولة مثل اليمن ظهور (الحوثة) وانقلابهم على الدولة واعتمادهم على العقيدة في الحكم واستمرارهم بحرب الاستنزاف، وكل حلمهم هو إعادة نظام الإمامة وغياب الرؤية في كيفية بناء الدولة الحديثة، أدى كل ذلك إلى استنزاف الدولة اليمنية ومصادرها الاقتصادية واستنزاف قدرات الشعب اليمني ومقدراته.

حرب الاستنزاف يعني استنزاف كل أطرافها المشاركين فيها والداعمين لها، فهي مثل شريعة الغاب فالبقاء للأقوى ومن لديه دم أكثر.

اليوم أراد الغرب استنزاف روسيا الاتحادية بتوريطها في حرب أوكرانيا، فتداخلات الأرض والإنسان بين أوكرانيا وروسيا تجعل حرب الاستنزاف معقدة وطويلة.

تم تنصيب (ممثل) لا يفقه في السياسة وتفاوض باسم الديمقراطية في أكرونيا رئيسا، وجره إلى استفزاز جارته العظمى وتصعيد المشاعر القومية الأوكرانية ضد القومية الروسية خلق حربًا جديدة من (حرب الاستنزاف) يعرف بدايتها الغرب ولكن لا يعرف امتدادها والدول التي ستتورط فيها وكيف ستنتهي وهي (حرب استنزاف)، حتما ستغير العالم كما غيرت الحرب العالمية الثانية الأرض والإنسان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى