الطفل أكرم.. بأي ذنب قتل

> الساكت عن الحق شيطان أخرس، حقيقة سنرمى بها جميعًا، وسيضعنا سكوتنا هذا في خانة الشريك في الجريمة نفسها.

الله المستعان؛ فما حدث من تقطع وحرابة في منطقة الصبيحة قبل أربعة أيام وراح ضحيته رميًا بالرصاص الطفل أكرم محمد يوسف، والذي لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره، وأمام ناظري والده المكلوم بفلذة كبده، جريمة بشعة هزت ضمير كل صبيحي قبل أن تهز ضمائر الآخرين. لأن تبعات هذه الجريمة المشؤومة ستلاحق الجميع بفصولها السوداء. فالضحية أكرم ووالده تعرضا للقتل والنهب معًا وانقلبت حافلتهم الصغيرة والرصاص يطاردهم، فبأي ذنب قتل أكرم الصغير المتطلع إلى الدنيا وأصيب والده مرتين باغتيال ابنه أمامه وبالإصابة التي تعرض لها.

هي جريمة حرابة لا شك في ذلك، والحرابة كما شخصها القرآن الكريم بقوله: ((إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)) المائدة 33.

لم يكن حادثًا عارضًا ولا مفاجئًا ولكنه تكرار لعمليات تقطع ونهب وقتل تمت بإصرار وترصد وبدم بارد من نفر فقدوا إنسانيتهم ودينهم وأخلاقيات قبيلتهم، وراح ضحية عدوانهم المتكرر دماء زكية وأرواح طاهرة.

إن المستهدف من ذلك ليس الطفل أكرم ولا الضحايا السابقين، وإنما كل فتى صبيحي وشاب ورجل وشيخ؛ لأن العار سوف يصيبهم جميعًا، ويصيب التاريخ المشرف لأبناء الصبيحة أحفاد أنس بن مالك، ويصيب أعرق قبيلة في اليمن والجزيرة العربية ككل.

ولا نستبعد - وقد بات هذا واضحًا لكل ذي بصيرة - أن الأصابع الخبيثة تريد خلط الأوراق في هذه المنطقة الحيوية الواعدة، وتريد إرباك الحياة العامة فيها ودفع القبائل للتناحر فيما بينها، وإنهاك القوة والقدرة لدى قبائل الصبيحة لإخراجها من معادلة التشكيل القادم لهذا الوطن، والذي باتت مؤشراته واضحة، لاسيما وأرض الصبيحة بامتداداتها الجيوغرافية على أهم الممرات المائية العالمية وبعمقها الزاخر بالرجال والثروات الباطنية - وهي أرض بكر - سيجعلها مطمحًا ومطمعًا لكثير من القوى.

وما هذه الشرذمة المتقطعة للناس الآمنين في طريق طورالباحة إلا أدوات رخيصة باعت ضمائرها للشيطان وسينالها العقاب الرادع والعادل إن عاجلا أو آجلا.

كان للصبيحة الدور المشرف على مدى التاريخ، مدافعون عن الوطن وساهرون على حمايته. وداخلون في المغرم - بتضحياتهم الجسيمة - وخارجون من المغنم حين يتكالب الكل على المناصب والمواقع بعد أن تستقر الأوضاع. ولا يجوز إطلاقًا لا شرعًا ولا قانونًا ولا عرفًا أن يشوه تاريخ الصبيحة بفعل قذر يقوم به نفر لا يزيدون على عدد أصابع اليدين.

لكنه سوف يتشوه حقًا إذا سكتنا عن استئصال هذه الشجرة الخبيثة قبل أن تؤتي ثمارها المسمومة في هذه الأرض الطيبة.

علينا أن نتذكر الأسماء العظيمة ممن أنجبتهم هذه الأرض وعلى رأسهم الرئيس قحطان محمد الشعبي والشهيد البطل فيصل عبداللطيف الشعبي، وعبدالقوي محمد شاهر ومحمد علي الصماتي وفضل صالح الطيار وزيد هواش وعلي محمد صلاح وطابور طويل طويل من الرجال الأبطال ممن قضوا نحبهم ومنهم من ينتظر (والمعذرة منهم موتى وأحياء لعدم تذكرهم في هذه العجالة).

خطاب المراجعة والعمل وتشمير السواعد موجه لمشايخ الصبيحة ورجالها المعروفين بالشهامة والشجاعة والمروءة لمحو هذا العيب الأسود من أرضهم، وتبرئة ساحة أجيالهم القادمة من هذه السنة والسمعة السيئة بملاحقة المجرمين وإنزال العقاب الرادع بهم دون انتظار أو مماطلة أو تسويف.

وما ذاك على الصبيحة بصعيب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى