​هل تنحاز أمريكا للمدنيين وتضغط على العسكريين لحل الأزمة في السودان؟

> «الأيام» سبوتنيك :

> بعد توقف الحوار الوطني ودخول واشنطن بشكل مباشر في الأزمة السودانية، يبدو أن أمريكا تريد الموازنة بين التحول الديمقراطي ومصالحها الخاصة في ظل مشهد شديد التعقيد، فهل تنحاز أمريكا إلى المدنيين وتمارس ضغطا على العسكر لحل الأزمة السياسية في السودان؟

بداية يقول عضو تنسيقة تيار الثورة السودانية، الدكتور لؤي عثمان: في تقديري إن هناك مساعي جديدة لترتيب المشهد أو المسرح السياسي لنقل البلاد من حالة الجمود الحالية إلى وضعية تسوية جديدة، هذه التسوية تقوم على محاولة إشراك قوى الحرية والتغيير والمؤتمر الوطني ممثلا في كيانات جديدة نشأت بعد الثورة، بالإضافة إلى المؤتمر الشعبي وكل القوى وشركاء الإنقاذ السابقين.

التسوية الشاملة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المشهد القادم يستند على التسوية بين كل القوى وليس المطالب الثورية، تلك القوى متواجدة الآن مع المبعوث الأممي "فولكر" في إطار دائرة الحوار الوطني، لكن المعلوم أن قوى الحرية والتغيير رفضت هذا الحوار والمشاركة فيه، هنا تدخلت الخارجية الأمريكية وساعدت في عقد لقاء تمهيدي بين عناصر من قحت والعسكر، هذا اللقاء كان من أجل الوساطة وإلحاق قوى الحرية والتغيير بالحوار الوطني، أو أن يكون هناك تفاوض بين قوى الحرية والتغيير والعسكر على أقل تقدير، على أن تلحق مخرجات هذا الحوار بمخرجات ما سيتم في مائدة الحوار الوطني الذي ترعاه الآلية الثلاثية، وفي تقديري أن توقف حوار الآلية هو توقف وقتي لحين الاتفاق على صيغة معينة، إما إلحاق الحرية والتغيير بمائدة الحوار، أو الوصول معها إلى اتفاق مباشر مع العسكر.

وتابع عثمان، في كل الأحوال من الواضح أن أمريكا مع خط التسوية ولم تتدخل إلا بعد أن انعقدت الجلسة الأولى للحوار التي تخلفت عنها الحرية والتغيير، هذا يؤكد أن واشنطن مع جهود التسوية ومع الآلية الثلاثية التي رفعت شعار "الحوار مفتوح للجميع" فيما عدا المؤتمر الوطني.

الاستقرار أولا

وأشار عضو تنسيقية تيار الثورة، إلى أن أمريكا لديها أوراق ضغط ويمكنها فرض عقوبات، لكنها لا تريد تعقيد المشهد بصورة أكبر ويدفع العسكر للانفراد بالسلطة مع المؤتمر الوطني وكل شركاؤه، لذا فإن واشنطن تحاول خلق نوع من الاستقرار في المنطقة وتضع لها الأولوية على مسألة التحول الديمقراطي، لذلك تأتي التسوية السياسية في هذا الإطار، وأعتقد أن التسوية هذه المرة ستكون بشكل متسق مع الشارع ومطالبه المعلنة بعدم التفاوض مع العسكر وعدم شرعية الانقلاب وعدم العودة للشراكة ورجوع العسكر للثكنات.

لا شراكة

وأوضح عثمان، أعتقد أن التسوية القادمة سوف تنص على ابتعاد العسكر عن مجلس السيادة إلى مجلس عسكري وأمن ودفاع خاص بهم، على أن يكون مجلس السيادة "مدني بالكامل" والحكومة مدنية، لكن في هذه الحالة سوف يشترط العسكر أن يشارك المؤتمر الشعبي وكل تنظيمات المؤتمر الوطني الحديثة وحلفاؤه، بأن يكونوا جزء لا يتجزأ من تلك الفترة وأن تناقش كل القضايا ويتم الاتفاق عليها في صيغة "أزمة حكم" في السودان وليست ثورة، وأن الأمور تحتاج إلى تسوية يشارك فيها الجميع ما عدا حزب المؤتمر الوطني بشكله القديم، وفي تلك الحالة فإن عسكر اللجنة الأمنية للبشير يمكن أن يقبلوا بالتسوية وأن يكونوا مسيطرين على الملف الأمني والعسكري، وهنا سيصبح الجميع مشاركين عدا المؤتمر الوطني.

الانقلاب والتسوية

ونوه إلى أن الانقلاب هذه المرة والذي قاده البرهان جاء من أجل التسوية وليس من أجل الانفراد بالسلطة كما كان يحدث في كل الانقلابات السابقة بالسودان، لكن الهدف هذه المرة كان الضغط على قوى الحرية والتغيير من القبول بتسوية سياسية تفرض واقع جديد تتم فيه توسعة قاعدة المشاركة وتنتهي فيه عملية الشراكة الثنائية بين العسكر وقوى الحرية والتغيير.

رؤية مزدوجة

من جانبه يقول المحلل السياسي السوداني، عبد الرحمن الأمين، إن الولايات المتحدة لا تريد استخدام الضغوط بشأن العسكريين في السودان، حيث أن واشنطن لها رؤية مزدوجة لما يجري في السودان، حيث ترغب في الانتصار للمجتمع المدني، والرؤية الثانية هى لا تريد أن تتخلى عن مصالحها في السودان، وهذا ناتج عن تجربتها السابقة حينما انسحبت في العام 1983 تاركة المجال للصين، وبالتالي أمريكا لا تريد التضحية بتلك المصالح مرة ثانية، وهو الأمر الذي كان مثار خلاف بين مبعوثي واشنطن للسودان ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي، حيث كانوا يرون ضرورة فرض عقوبات قاسية على العسكريين.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أمريكا تريد الحكم المدني الديمقراطي في السودان بشرط ألا يعمل ذلك على الإطاحة بمصالحه في البلاد، لذا فإن العسكريين وبعد أكثر من 7 أشهر على قرارات البرهان في 25 أكتوبر الماضي، أصبحوا على قناعة أن الأمور لا تسير نحو الأمام، وبالتالي هم يريدون تراجعا يحفظ ماء وجههم، لذا كان اللقاء في بيت السفير السعودي بالخرطوم، إثر ذلك تم تأجيل الحوار المباشر لأجل غير مسمى والذي كان بمثابة ورقة ضغط على قوى الحرية والتغيير لكي تسارع بالجلوس.

المقترح الأمريكي

وتابع الأمين، على ما يبدو أن العسكريين في السودان قد قبلوا بالمقترح الأمريكي بإعادة الحكم المدني الديمقراطي مقابل توحد القوى المدنية، المشكلة الآن أمام واشنطن أن القوى المدنية غير موحدة، لذلك تعكف الحرية والتغيير على صياغة رؤية مشتركة تطرحها القوى على بعضها البعض، تصل في نهايتها إلى إتفاق ولو في الحد الأدنى.

وأطلقت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيغاد) الأسبوع الماضي حوارا في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية التي تفاقمت في السودان على خلفية أحداث أكتوبر 2021، وكان من المقرر عقد الجولة الثانية من المحادثات الأحد الماضي.

ونقلت "فرانس برس" عن المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في السودان فادي القاضي، أن المنظمات الدولية الثلاث قررت "تأجيل جلسة الحوار إلى الأحد على ضوء التطورات الأخيرة" لكن الحوار تم تجميده إلى أجل غير مسمى، مضيفا "ليس لدي موعد محدد لاستئناف جلسات الحوار".

وكان تحالف قوى الحرية والتغيير في السودان قد أعلن رفضه "المشاركة في الحوار الذي تسيره الآلية الثلاثية بسبب أنه لا يتضمن إسقاط الانقلاب" قبل أن تتناول وسائل الإعلام أخبارا حول لقاء جمعها مع العسكر برعاية أمريكية سعودية.

وقال عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير وجدي صالح، إن "النهج الذي اتخذته الآلية أشرك القوى المؤيدة للانقلاب في الحوار وهو ما يرفضه التحالف"، مضيفا أن "مشهد اليوم مثير للسخرية وأظهر الانقلابيين وهم يحاورون بعضهم".

وتتمحور مبادرة الآلية الثلاثية حول تهيئة الأوضاع من أجل الحوار لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد عبر ترتيبات دستورية وتحديد معايير لاختيار رئيس الحكومة والوزراء ووضع خارطة طريق لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى