أنا إنسان

> في زمننا الحالي صار "الورق" هو الكل في الكل، فلا أحد يعترف بنجاحك دون شهادة تبرهن له ذلك، ولن تُفتح لك أبواب العمل إلا بتقديم ملف كامل تصف سيرتك الذاتية المكتوبة على "الورق"، كما أنه من الصعب الاعتراف بهويتك إلا بعد تقديم "أوراقك" الثبوتية، وفي حال ضياعها ستكون كالميت، بل إن الميت أفضل منك لأنه يمتلك "ورقة" شهادة الوفاة.

ونرى الناس في كل صباح يركضون في كافة مرافق الدولة حاملين معهم مئات "الأوراق"، وتحفزنا منظر طلاب العلم وهم يحملون الكتب والدفاتر ويترددون باستمرار على المكتبات لشراء مختلف أنواع "الأوراق" فهي مدخل النجاح بالنسبة لهم..

وتمضي الحياة والإنسان يحمل معه "أوراقه" إن كانت أموال أو ممتلكات عينية مسجلة في سجلات "ورقية"، ويحبها ويخاف عليها ويضعها في خزائن خاصة ضد الحريق وربما يهتم بها أكثر من أسرته، معتقدًا أنها إن ضاعت تضيع معها حياته.

وللأسف في يومنا الحاضر أصبح "الورق" هو مقياس التفاوت والتفوق بين مواطن ومقيم، بين وطني وأجنبي.

ولكن الحقيقة!

إن رفعة مكانة الإنسان تكمن في ثروة قلبه من الخير والمحبة ومقتنيات عقله من أفكار بناءة تخدم المجتمع، وفي علوّ قيمه الأخلاقية ورقيه الروحاني، لا ما يوجد على صدر "ورقة" صامتة رقيقة، فانية وقابلة للاشتعال بشرارة صغيرة، وهي مهما بلغت من الوضوح ستبقى رديئة التوصيل والتوضيح عن حقيقة صاحبها الذي يُعرف بذاته وصفاته وعمله.... بعيدًا عن وهم الورق!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى