سلاسل التوريد... Supply Chains

> داهمت جانحة كورونا دول العالم بسرعة عالية؛ بل حتى أن منظمة الصحة العالمية ظلت مترددة لأسابيع قبل قبولها بأن الجانحة هي "وباء" وأنه ينتقل بالعدوى بين البشر. وقد بلغ إجمالي الإصابات عالميًا بهذا الوباء من أول يناير 2020م وحتى 15 يونيو 2022م نحو 542 مليونا (موقع worldmeters). ومن يناير 2020م إلى نهاية العام 2021م بلغ عدد الوفيات 18.2 مليون حالة (موقع nature).

- ولإن كورونا وباء لم يسبق التعامل معه، فلم يكن لدى دول العالم ومنظمة الصحة العالمية التحصينات الدوائية والمتمثلة في أفضل صورها بال" تطعيمات - Vaccines " المناسبة للوقاية وعلاج الوباء.

- وبسباق مع الوقت كثفت كبريات شركات الأدوية العالمية، شرقًا وغربًا، أبحاثها المعملية والمختبرية لإنتاج "المصل" المناسب والفعال لهذا المرض. وقامت السلطات الصحية والطبية على مستوى العالم خطوات تلقائية "بحملات إعلامية إرشادية مكثفة" في كل وسائل الإعلام المرئية والصوتية والتواصل الاجتماعي للوقاية المبكرة منها والمحافظة الدائمة على النظافة العامة، وخاصة اليدين باستعمال الصابون والمعقمات الكيماوية. وبداية طلب ارتداء " الكمامات " طوعًا، ولاحقًا أصبحت إجبارية.

- ولكن "أقوى أداة" تم استخدامها بصرامة وحزم، كانت قرارات "التباعد الاجتماعي Social Distancing" بين التجمعات البشرية على كافة الأصعدة اليومية والروتينية كالعمليات الاقتصادية الإنتاجية، وسائل النقل العامة والبنية اللوجستية والتجارية والتعليمية والثقافية والاجتماعية.. إلخ.

- وبالفعل، قامت دول العالم المتقدم الصناعية والمستهلكة الأكبر وتلك المصدرة للسلع الخام والأساسية بالتطبيق الفعلي لهذه (الأداة)؛ ولكن إلى درجة مركزة في النشاط/الحركة في مراكز الاقتصاد اللوجستية والاستراتيجية (موانئ الاستيراد والتصدير) تعليق الدراسة، إغلاق قطاعات الخدمات بمختلف أشكالها وكل ما له علاقة "بتواجد/ تجمع" البشر في [مكان واحد] وإغلاق للمنشئات والمكاتب (حكومية وخاصة). وفي كل هذه الأمثلة طلب من الجميع البقاء والعمل من منازلهم.

- وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير بعد "تنفيذ" أغلب دول العالم "المؤثرة اقتصاديا" " قرارات الإغلاق Closure" لأغلب قطاعاتها الحيوية (كالمطارات والموانئ البحرية والحدود البرية). وكانت المحصلة إغلاقات كبيرة ومتفرقة للأنشطة الاقتصادية عالميًا. تطور لاحقًا إلى وقف قطاعات صناعية استراتيجية أصابت النشاط الاقتصادي بالضعف وضغطت نزولًا في الطلب على السلع والخدمات. وتسبب هذا الوضع غير المسبوق تاريخيًا إلى إلحاق "الاقتصاد العالمي" بأكبر الخسائر (Lost Output) قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 12.5 تريليون دولار أمريكي حتى العام 2024م (رويترز).

- وكانت المحصلة انكماش المحركات الاقتصادية الرئيسة العالمية دون استثناء ومنها قطاع "سلاسل التوريد" تسبب بدرجة رئيسة في "ارتفاع أسعار السلع الأولية والمصنعة على مستوى العالم"، جنبًا إلى جنب مع قطاعات أخرى تعتبر مصيرية للحفاظ واستمرار الاقتصاد العالمي "عائمًا ونابضًا".

- ولكن ماهي "سلاسل التوريد"؟: بطبيعة الحال ليست لسلاسل التوريد علاقة إطلاقًا "بالسلاسل" التي تستخدم في "السجون والمعتقلات"؛ هي شبكة Network لأشخاص، شركات، موارد، أنشطة، أنظمة تقنية وفنية تستخدم لصنع وبيع منتج/سلعة أو خدمة من "توصيل" المواد الخام من المورد (مزرعة، آبار نفط.....) إلى نقاط النشاط الاقتصادي الشاملة والمتعددة (مصانع، مصافي، مراكز بيع...) وتنتهي "بتسليم" المنتج إلى المستهلك النهائي. مثال: "نقابة النقل الثقيل في عدن(المضربة) هي إحدى أهم سلاسل التوريد الوطني".

- وما بين مسارات البداية والنهاية أعلاه تتداخل عوامل إضافية ومساهمة وبوظائف مختلفة بعضها ببعض تعتبر جزءًا لا يتجزأ من النشاط الاقتصادي الكلي لأي دولة، منها على سبيل المثال وليس الحصر: المصنعين، البائعين، المصدرين، المستوردين، المستودعات، شركات النقل (بمختلف وسائلها)، مراكز التوزيع، وتجار التجزئة، البقالات.. إلخ.

- ومن خلال التعريف أعلاه فإنه بالإمكان الجزم أن صلب مهام "سلاسل التوريد " في أي اقتصاد في العالم، هي ال " نقل التجاري" داخل الدولة أو ما بين دول العالم.

- ويتركز نشاط سلاسل التوريد في التجارة العالمية عبر البحار (90 %) وبرًا (6 %) وجوًّا (4 %).

- وعلى الرغم من التعافي الاقتصادي العالمي النسبي "الملموس" في النصف الأول من العام الجاري 2022م إلا أن هذا القطاع لم يقف بعد على قدميه ب "الحد المقبول" مقارنة بمستوى 2019م. بل لا يزال يعاني من "شرغات" لوجستيكية على مستوى الدولة/ الدول. فهناك طلب على وسائل سلاسل التوريد (تحديدًا النقل البحري) ولكن لا يوجد "العدد الكافي" من بواخر/ سفن للإبحار وحاويات للشحن.

- والأهم في ذلك القوى البشرية (عمال وموظفين) والتي قيدت قدرتها بالتواجد بأماكن أعمالها وخصوصًا في قطاعات التوصيل والنقل التجاري. كما أن ارتفاع أسعار الطاقة - المشتقات النفطية (البرميل نحو 120$) والتي تشغل كل وسائل "سلاسل التوريد"، البحرية والجوية والبرية، كل هذه العوامل مجتمعة ضخمت من "تكلفة" استخدام قطاع سلاسل التوريد للنقل التجاري عالميًا وكانت إحدى الأسباب الأولية لموجات "تضخم" الأسعار والتي تجتاح العالم عامة (نحن معهم) والدول المتقدمة خاصة.

- وعلى الرغم من هذه الانتكاسات، نجزم القول بألا غنى عن وسائل سلاسل التوريد، ونخص البحري، في

عالم اليوم في نقل وتوفير كل أساسيات وحاجيات الإنسان الضرورية، الاستهلاكية منها والكمالية.

- كما يعتبر قطاع سلاسل التوريد العامل الفعّال والمساهم للتنوع والتبادل والمشاركة الاقتصادية بين البشر. بالإضافة إلى مشاركته، "بمشيئة المولى" عزوجل، في استمرار "حياة وبقاء الإنسان".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى