​قوى داخلية وإقليمية تعمل على حرف الصراع في اليمن بتأجيج الفتنة بين الشمال والجنوب

> عدن«الأيام» العرب اللندنية:

> استهداف ممنهج لقيادات أمنية جنوبية آخرها مدير أمن لحج.

يتجه المشهد في اليمن نحو المزيد من التعقيد في ظل مساعي قوى داخلية وإقليمية لجر الصراع نحو خندق جديد من خلال شن عمليات ممنهجة وانتقائية تستهدف قيادات وكوادر جنوبية، وسط إصرار المجلس الانتقالي على السير قدما في الدفاع عن مشروع الانفصال.

تقول أوساط سياسية يمنية إن تواتر عمليات استهداف قيادات أمنية جنوبية في المناطق المحررة يستهدف نقل الصراع إلى مربع جديد، خصوصا مع تحركات للمجلس الانتقالي الجنوبي لتوحيد صفوف المكونات الجنوبية دفاعا عن قضية تقرير المصير.

وتلفت الأوساط إلى أن هناك مخططا تنخرط فيه قوى إقليمية من أجل حرف بوصلة الصراع من استعادة السيطرة على المناطق الواقعة تحت نفوذ الحوثيين الموالين لإيران، إلى إثارة صراع قديم – جديد بين الجنوب والشمال.

وتشير الأوساط نفسها إلى أن القوى الداخلية والإقليمية المنخرطة في هذا المخطط تراهن على تنفيذه بواسطة تنظيمات راديكالية على غرار تنظيم القاعدة، الذي سجل نشاطا لافتا لعناصره منذ الإطاحة بسلطة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي وذراعه علي محسن الأحمر، وتشكيل مجلس قيادة رئاسي.

وتعرض موكب لمدير أمن محافظة لحج اللواء صالح السيد الأربعاء لهجوم بسيارة مفخخة في عدن جنوبي اليمن، في ثاني هجوم يستهدف مسؤولا أمنيا كبيرا ينتمي إلى المجلس الانتقالي خلال أقل من شهر.

وقالت مصادر أمنية إن السيارة المفخخة استهدفت موكب السيد أثناء مروره في مديرية خور مكسر شرقي عدن، ما أسفر عن مقتل أربعة من مرافقيه وثلاثة مدنيين، وإصابة سبعة آخرين بينهم مدنيون كانوا بالقرب من موقع الانفجار.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تنفيذ هذه العملية، لكن مراقبين يرون أنها تحمل بصمات تنظيم القاعدة الذي عادة ما ينفذ هجماته باستخدام السيارات المفخخة.

وتوعد صالح السيد بعد ساعات قليلة من الانفجار الذي تمكن من النجاة منه، تنظيمي القاعدة وداعش بالوقوف لهما بالمرصاد ووجها لوجه، مطمئنا رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي وشعب الجنوب على سلامته وأنه بخير.

ومنتصف الشهر الجاري قتل الصحافي صابر الحيدري مراسل التلفزيون الياباني واثنين من رفاقه في تفجير مشابه استهدف سيارته بمدينة عدن.

ونجا رئيس العمليات المشتركة الرئيسية في المنطقة العسكرية الرابعة في عدن اللواء صالح علي حسن اليافعي الشهر الماضي من محاولة اغتيال بعد استهداف موكبه بسيارة مفخخة في أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة اليمنية المؤقتة.

ويرى مراقبون أن تصاعد وتيرة استهداف كوادر وقيادات وشخصيات تابعة أو مؤيدة للقضية الجنوبية كان متوقعا، لاسيما في ضوء تحركات المجلس الانتقالي لفرض هذه القضية ضمن أجندة الحوارات الجارية خلف الكواليس بشأن اليمن، ورفض المجلس تأجيلها إلى مفاوضات الحل النهائي.

وكان رئيس المجلس الانتقالي كشف الأسبوع الماضي عن اتصالات تجري مع باقي الطيف الجنوبي من أجل توحيد الصفوف في سبيل بناء دولة مستقلة.

وقال الزبيدي خلال افتتاح الدورة الخامسة للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي إنه “حان الوقت لحوار موازٍ من الداخل لترجمة اتصالاتنا الجنوبية المشتركة إلى ميثاق شرف وطني يتم التوافق عليه مع كافة القوى والمكونات الجنوبية في العاصمة عدن، لضمان تحقيق أهدافنا الوطنية المشتركة، ومشاركة كل شرائح شعبنا الجنوبي في صناعة ملامح مستقبل دولة الجنوب”.

وأضاف الزبيدي وهو عضو في مجلس القيادة الرئاسي “لقد وجهنا وحدة شؤون المفاوضات للبدء بالتواصل لتشكيل وفد وطني جنوبي يقوده المجلس الانتقالي بمشاركة وحضور وتمثيل مختلف القوى والكفاءات الجنوبية لتمثيل قضية شعب الجنوب وتطلعاته المشروعة في العملية السياسية”.

ويشير المراقبون إلى أنه مع تحرك المجلس الانتقالي فإنه من المرجح على نحو بعيد أن تأخذ عمليات استهداف قيادات جنوبية منحى تصاعديا، وأن هناك اليوم تقاطع مصالح بين عدد من القوى التي تبدو في الظاهر متضادة من أجل استنزاف الانتقالي، وبث الشكوك في مجلس القيادة الرئاسي.

ويلفت المراقبون إلى أنه على رأس هذه القوى توجد جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من قطر، والحوثيين الذين من صالحهم خلق حالة من الفوضى في المنطقة الجنوبية من أجل تثبيت مكاسبهم الميدانية التي حققوها على مدار السنوات الماضية، حيث يسيطرون اليوم على العاصمة صنعاء ومعظم شمال اليمن.

وقال أمجد طه الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط إن “العمليات الإرهابية في العاصمة عدن تؤكد وجود تنسيق إخواني – قطري بواسطة الجنرال الإرهابي علي محسن الأحمر”.

وأكد طه في تغريدة على حسابه في تويتر الأربعاء “بالتنسيق مع علي محسن وتمجيد الإخوان في الدوحة، الإرهابيون في اليمن يستهدفون أبناء ومدن الجنوب العربي”. وأضاف “كلما قربت ساعة الاستقلال زاد إرهابهم”.

ويقول نشطاء جنوبيون إن تصاعد نسق العمليات الإرهابية لن يزيد أبناء المنطقة سوى تصميما على المضي قدما في مشروع “الدولة المستقلة”، منتقدين طريقة التعاطي الباهتة حتى الآن للمجلس الرئاسي مع ما تشهده مناطق الجنوب.

وتشكّل المجلس الرئاسي في أبريل الماضي بعد مفاوضات يمنية – يمنية في العاصمة السعودية الرياض، وكان اليمنيون يأملون في أن يفضي نقل السلطة إلى هذا المجلس إلى تحسن الوضعين الأمني والاقتصادي، لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن، باستثناء نجاحه في تثبيت الهدنة الأممية الهشة من خلال حزمة من التنازلات قدمها للحوثيين.

ويرى المراقبون أن المجلس يبدو حتى الآن عاجزا عن فرض نفسه على الساحة وذلك يعود إلى أسباب مختلفة من بينها اختلاف أجندات المكونات المنضوية ضمنه، فضلا عن وجود أكثر من طرف محلي وإقليمي يعمل على إفشال جهوده.

ويشير المراقبون إلى أن هذا الأمر كان من بين الدوافع التي قادت المجلس الانتقالي الجنوبي إلى تسريع خطوات طرح قضية الانفصال على الطاولة، بعد أن كانت هناك تفاهمات ضمنية مع دول التحالف العربي لبحث هذه المسألة لاحقا، والتركيز حاليا على دفع الحوثيين إلى طاولة مباحثات السلام.

ويحذر المراقبون من أن الوضع في اليمن يتجه نحو المزيد من التعقيد، مرجحين أن يكثف المجلس الانتقالي من جهوده في الدفاع عن مقترح تقرير المصير، سواء كان من خلال المفاوضات التي أطلقها مع باقي الطيف الجنوبي، أو في لقاءاته مع المسؤولين الدوليين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى