رغبة أمريكية.. هل تسهم زيارة بايدن للسعودية في إنهاء حرب اليمن؟

> "الأيام" الخليج أولاين

> ​نحت الحرب في اليمن نحو مرحلة جديدة غير واضحة المعالم حتى الآن، على الرغم من مرور نحو 3 أشهر ونصف الشهر على بدء الهدنة التي لم تحقق كثيراً من الخطوات، وسط ضغوطات دولية مستمرة لوقف الحرب.

ورغم إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أول كلمة ألقاها بشأن السياسة الخارجية لإدارته مطلع عام 2021، أن إنهاء الحرب في اليمن سيمثل إحدى أولويات بلاده في الشرق الأوسط، فإن تحقيق هذا الهدف وبعد نحو عام ونصف العام من ذلك التصريح، لا يزال أبعد من أي وقت مضى، بسبب تداخل الملف اليمني مع ملفات أخرى، أبرزها الملف النووي الإيراني.

ومع تأكيدات السياسة الأمريكية، التي كان آخرها تصريحات انطلقت من مدينة جدة السعودية، لا تزال مليشيات الحوثي المدعومة من طهران تتشبث بمواقفها المتصلبة الرافضة لأي مبادرات ترمي إلى إحلال السلام، وفي مقدمتها تحقيق ما نصت عليه اتفاقية الهدنة، والتي تشير إلى عدم وجود رغبة حقيقية لديها في المضي نحو إنهاء الحرب، وفق مراقبين.

تأكيدات أمريكية

في تصريحاتٍ أطلقها الرئيس الأمريكي من مدينة جدة السعودية التي زارها منتصف يوليو 2022، أكد أن بلاده ستعمل ‏مع السعودية وعُمان على إيجاد حل سياسي في اليمن.

وقال في تصريحٍ عقب لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان: إنه "اتفق مع القيادة السعودية على تعميق وتمديد الهدنة في اليمن".

وأضاف: "إدارتي تمنح الأولوية لحرية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ولن نسمح بتعريض حرية الملاحة البحرية في المنطقة للخطر".

لكن الحوثيين بدورهم وعلى لسان القيادي محمد علي الحوثي، أعلنوا رفضهم أي تصريحات من بايدن، وعلق في صفحته على "تويتر"، قائلاً: ""صنعاء ‏لن تقبل باستمرار إجرام العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفائه".

وأضاف: "على الأعداء الذين يعقدون قمة في السعودية، إيقاف العدوان والحصار والإرهاب الذي يمارَس ضد الشعب اليمني من قِبلهم".

وتابع في تغريدة أخرى: "غير إنهاء العدوان والحصار الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفائه على اليمن، قرِّروا ما شئتم، فقرارنا بأيدينا وأنتم تعلمون ذلك".

وفي سياق متصل التقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، 16 يوليو، وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وبحثا الجهود الرامية إلى إحلال السلام والاستقرار باليمن.

وأكد بلينكن التزام بلاده "دعم وحدة اليمن وسيادته واستقراره، وتشجيع الحلفاء الإقليميين والدوليين، على تقديم مزيد من الدعم الاقتصادي والإنساني لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة والشعب اليمني".

وشدد على "ضرورة التزام الحوثيين تنفيذ بنود الهدنة كافة، خصوصاً فتح معابر تعز (جنوب غرب)"، بحسب المصدر ذاته.

وأكد "التزام بلاده مواصلة الضغط لدفع المليشيات الحوثية إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب إعلان الهدنة".

بايدن وأزمة اليمن

تعول إدارة بايدن على الملف اليمني لتحقيق انتصار سياسي، على عدة مستويات، من بينها الإيفاء بتعهدها المتعلق بالأزمة اليمنية، بوقف الحرب، مقابل فرض هدنة وقف إطلاق النار وتمديدها، وتلبيتها الاشتراطات الإنسانية لجماعة الحوثي، من فتح مطار صنعاء إلى زيادة دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة.

ويبدو أن هدف الرئيس الأمريكي، ضمن زيارته المملكة، دفع حليفته السعودية والحوثيين عبر القنوات العُمانية، إلى تحويل هدنة وقف إطلاق النار التي تنتهي بمطلع الشهر المقبل، إلى وقف دائم للحرب، وإجبار الجماعة على فتح منافذ تعز، مقابل تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وعلى الرغم من الشكوك الكبيرة لعدم استجابة الحوثي لتلك المطالب، دون تسوية الملف النووي الإيراني، فإن إدارة بايدن في حال فشلت في ذلك، فإنها قد تتساهل إزاء الأمر بالسماح بإقامة نظام حوثي مرن في المناطق التي يسيطر عليها، مقابل سلطة المجلس الرئاسي في المناطق الأخرى.

ومن خلال تصريحات بايدن ووزير خارجيته، فإن إدارته ترغب في ضمان وجود سلطة محلية تؤمّن الملاحة في البحر الأحمر، وضمان حماية الحدود السعودية، من خلال إدارة تفاهمات بين جماعة الحوثي والسعودية، بحيث يستمر إنتاج النفط وسط الأزمة العالمية التي أنتجتها حرب أوكرانيا.

كيف سيتفق بايدن وإيران؟

يطرح الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبده سالم سؤالاً عن الطريقة التي سيتفق بها الرئيس الأمريكي مع إيران والحوثيين في وقف هذه الحرب، خصوصاً بعد تصريحاته الأخيرة عقب لقائه ولي عهد السعودية في جدة.

ويقول: "بعد لقاء بولي العهد السعودي قال بايدن إنه اتفق مع السعودية على وقف الحرب في اليمن وأن السعودية وافقت على تمديد الهدنة، وهذا كل ما قاله بخصوص اليمن"، مضيفاً: "هذا الموقف الأمريكي بالأساس معلوم ومفهوم من قبل أن يصل بايدن إلى المنطقة".

ويرجع سالم في حديثه لـ"الخليج أونلاين" تساؤلاته إلى أن "إيران ترى أن الحوثيين أهم حامل لردائها الإمبراطوري إلى عموم الجزيرة العربية ومنطقة القرن الأفريقي؛ وخط الالتفاف العسكري الواصل إلى غزة عبر منطقة البحر الأحمر".

وفقاً للمحلل السياسي اليمني، فإن الأمم المتحدة، وأمريكا، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات، وحكومة الشرعية، والشعب اليمني، والعالم كله "مع تسوية سياسية بالحد الأدنى مع الحوثيين، لكنهم (أي الحوثيين) غير مستعدين للتقدم خطوة واحدة، ولا للتنازل عن موقف واحد في سبيل إنجاح هذه التسوية".

ويعتقد أنه "لو تم الطلب دولياً من الحوثيين أن يقدموا مبادرة سياسية للحل وفق الرؤية التي يرونها هم لَما قبلوا هذا الطلب على الإطلاق".

وتابع: "الحوثيون لا يبحثون عن حلول ولا عن تسويات، هم فقط يريدون تثبيت وضع أمني وعسكري على الأرض (..)، لذلك هم فقط بانتظار متغيرات دولية وإقليمية تخدمهم".

وخلص إلى أن الحوثيين "الآن في حال ترقب كأنهم على موعد، والهدنة بالنسبة لهم ليست سوى كسب وقت"، مضيفاً أنهم "لن يفرطوا في التضحيات التي يتحدثون عنها من أجل عيون بايدن".

حرب اليمن..والاهتمام الدولي

ومن حين لآخر يعود اليمن إلى واجهة الأحداث العالمية، التي كان آخرها الهجمات الحوثية على السعودية والإمارات والتي تسببت في تهديدٍ سعودي بوقف إنتاج النفط، وهو ما دفع المجتمع الدولي إلى الضغط للخروج بهدنة مؤقتة.

ووافقت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، مطلع يونيو الماضي، على تمديد هدنة إنسانية في البلاد، لمدة شهرين آخرين، بعد انتهاء هدنة سابقة مماثلة بدأت في 2 أبريل الماضي.

ومن أبرز بنود الهدنة، وقف إطلاق النار، وفتح ميناء الحديدة (غرب)، إضافة إلى إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، وفتح الطرق في مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ 7 سنوات، والذين يرفضون حتى اللحظة تنفيذ هذا البند، وهو الأمر الذي يشكك في نجاحها.

ولعل الحدث الأبرز الذي أعقب إعلان بداية الهدنة، الخروج بخطوة غير متوقعة في السابع من أبريل بإعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إنشاء مجلس قيادي رئاسي يضم قيادات يمنية برئاسة رشاد العليمي، وهي الخطوة التي اعتبرت ضمنياً بمنزلة تمهيد لإنهاء حقبة الحرب والدخول في تفاهمات قد تنعكس معظمها لصالح الحوثيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى