التقييم والتصحيح

> يمر الجنوب اليوم في مرحلة استكمال التحرر الوطني وليس في مرحلة السلطة الوطنية الجنوبية التي تفرض سيادتها على مواردها وتتحكم في إنفاقها والتي يمكنها أن تقدم خدماتها لشعبها وتحسين مستوى معيشتهم، وهذا واضح ومبين في وثائق المجلس الانتقالي الجنوبي، فنسمع البعض يقول من باب التندر "كيف تناضلون من أجل الاستقلال من دولة وحكومة أنتم شركاءٌ فيها؟" والسؤال يبدو من الوهلة الأولى أنه صحيح وخصوصًا عند من لم يدرك طبيعية التحالفات وأولوياتها، فأحزاب الطبقة العاملة في أوروبا التي كانت تناضل ضد البرجوازية الوطنية التي تستغلها في بلدانها عندما تعرضت للخطر الداهم من الفاشية اضطرت الطبقة العاملة للتحالف مع البرجوازية الوطنية عدوها الرئيس في أوطانها، لتنقذ أوطانها من خطر الفاشية ثم تعاود النضال ضد البرجوازية الوطنية في بلدانها.

ونحن اليوم في تحالفنا مع الحكومة اليمنية لا نختلف كثيرًا عن ذلك، بل ضرورة هذا التحالف عندنا أقوى والمجلس الانتقالي الجنوبي حاول مرتين السيطرة على الموارد وإدارة الجنوب، لكن الظروف السياسية الوطنية والإقليمية والدولية حالت دون أن تجعله يمضي إلى الأمام، لذلك نحن لا نستطيع أن نمضي لوحدنا بعكس اتجاه الإقليم والعالم ونغامر بتضحيات شعبنا وإنجازاته المحققة فنحن مازلنا في إطار الدولة اليمنية التي هي تحت البند السابع وهناك دول راعية لليمن بتكليف من المجتمع الدولي، ودول التحالف من الإقليم تنفذ البند السابع وقرارات مجلس الأمن.

أعتقد أ ن الكثير يتذكر تصريح سفير دولة عظمى لدى اليمن حين قال "إن لم يوقَّع اتفاق الرياض فلا شرعية دولية للمجلس الانتقالي ولا عودة للشرعية إلى عدن".

والمجلس الانتقالي حامل لقضية شعب الجنوب لتحقيق الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية بحدود ما قبل 22 مايو 1990م وهذا هو الهدف الرئيس له والذي يُنشد تحقيقه من خلال مفاوضات وقف الحرب والعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وفي نفس الوقت فإن الانتقالي يعمل نحو عدم وصول شعبنا إلى يوم الخلاص وهم جثث هامدة، لا تقوى على حماية الاستقلال ولا بناء الدولة الجنوبية ويعمل على استعادة مؤسسات الدولة في العاصمة عدن لتقديم خدماتها للشعب، ولكي يكون هو أساس الدولة الجنوبية المنشودة، لكن تلك التطلعات تواجه العديد من التحديات.

و أولها من الدولة اليمنية الداخلة معنا في التحالف، والذي تعمل جاهدة على تكريس واستمرار الاحتلال اليمني للجنوب وضمه وإلحاقه بصنعاء، لهذا تشن حرب خدمات واقتصاد ضد الجنوب، كما صرَّح قادتهم أن أي استقرار وتحسن خدمي في الجنوب سيشجع شعب الجنوب على الاستقلال.

نعم أنهم هم المتحكمون في الموارد والخدمات، والانتقالي يعمل جاهدًا لصدِّ ذلك من خلال الشراكة في الحكومة والعمل على تحسين الخدمات ومستوى معيشة الشعب من داخل أجهزة الدولة بعد المحاولتين السابقتين للسيطرة على الموارد التي تم ذكرهما آنفا هذه هي الصورة العامة للوضع، كما يواجه تحدٍّ آخر نتيجة توريث سياسة فَرِّق تسُد، التي انتهجها الاحتلال لتمزيق شعب الجنوب و وحدته الوطنية حيث يعمل الانتقالي على رص الصفوف و تعزيز اللُّحمة الجنوبية، وهناك سؤال يطرح نفسه: هل استطاع الانتقالي من خلال هذا النهج أن يحقق انتصارات؟

وذلك على صعيد تطلعات شعب الجنوب السياسية وعلى صعيد رص الصفوف وتعزيز اللُّحمة الجنوبية وتحسين الخدمات ومستوى معيشة الناس.

وهذا ما ينبغي أن يقف أمامه الانتقالي ويعمل على تقييمه وإجراء التصحيحات اللازمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى